إلى منزل هيلو «١٤» ، ورحلنا منه إلى مدينة بيانة «١٥» ، وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف مع تخفيفها وفتح النون، مدينة كبيرة حسنة البناء مليحة الأسواق.
ومسجدها الجامع من أبدع المساجد وحيطانه وسقفه حجارة، والأمير بها مظفر ابن الداية، وأمه هي داية السلطان، وكان بها قبله الملك مجير بن أبي الرجاء أحد كبار الملوك، وقد تقدم ذكره «١٦» ، وهو ينتسب في قريش وفيه تجبّر، وله ظلم كثير قتل من اهل هذه المدينة جملة، ومثّل بكثير منهم، ولقد رأيت من أهلها رجلا حسن الهيئة قاعدا في أسطوان منزله وهو مقطوع اليدين والرجلين.
وقدم السلطان مرة على هذه المدينة فتشكى الناس من الملك مجير المذكور فأمر السلطان بالقبض عليه وجعلت في عنقه الجامعة، وكان يقعد بالدّيوان بين يدي الوزير، وأهل البلد يكتبون عليه المظالم، فأمره السلطان بإرضائهم فأرضاهم بالأموال ثم قتله بعد ذلك.
ومن كبار أهل هذه المدينة الامام العالم عزّ الدين الزبيري من ذرية الزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد كبار الفقهاء الصلحاء، لقيته بكاليور عند الملك عز الدين البنتاني «١٧» المعروف بأعظم ملك.
ثم رحلنا من بيانة فوصلنا إلى مدينة «١٨» كول، وضبط اسمها بضم الكاف، مدينة حسنة ذات بساتين وأكثر أشجارها العنبا، ونزلنا بخارجها في بسيط أفيح، ولقينا بها الشيخ الصالح العابد شمس الدين المعروف بابن تاج العارفين، وهو مكفوف البصر معمّر، وبعد ذلك سجنه السلطان ومات في سجنه، وقد ذكرنا حديثه «١٩» .