كفعلهم في مشهد أحمد بن موسى، وقد حضرت الموضعين جميعا، وتربة الامير محمد شاه ينجوا والد السلطان أبي اسحاق متّصلة بهذه التربة والشيخ أبو عبد الله بن خفيف كبير القدر في الأولياء شهير الذكر، وهو الذي أظهر طريق جبل سرنديب بجزيرة سيلان من أرض الهند «١٥١» .
[كرامة لهذا الشيخ]
يحكى أنه قصد مرة جبل سرنديب ومعه نحو ثلاثين من الفقراء فأصابتهم مجاعة في طريق الجبل حيث لا عمارة وتاهوا عن الطريق وطلبوا من الشيخ أن ياذن لهم في القبض على بعض الفيلة الصغار، وهي في ذلك المحلّ كثيرة جدّا، ومنه تحمل إلى حضرة ملك الهند فنهاهم الشيخ عن ذلك فغلب عليهم الجوع فتعدّوا قول الشيخ وقبضوا على فيل صغير منها وذكّوه وأكلوا لحمه (١٥٢) ، وامتنع الشيخ من أكله فلما ناموا تلك الليلة اجتمعت الفيلة من كل ناحية وأتت اليهم فكانت تشمّ الرجل منهم وتقتله حتى أتت على جميعهم وشمّت الشيخ ولم تتعرّض له، وأخذه فيل منها ولفّ عليه خرطومه ورمى به على ظهره وأتى به الموضع الذي فيه العمارة فلما رءاه اهل تلك الناحية عجبوا منه واستقبلوه ليتعرّفوا أمره، فلما قرب منهم أمسكه الفيل بخرطومه ووضعه عن ظهره إلى الأرض بحيث يرونه فجاءوا اليه وتمسّحوا به وذهبوا به إلى ملكهم فعرّفوه خبره وهم كفّار، وأقام عندهم أيّاما.
وذلك الموضع على خوريسمّى خور الخيزران «١٥٣» ، والخور هو النّهر، وبذلك الموضع مغاص الجوهر، ويذكر أن الشيخ غاص في بعض تلك الأيام بمحضر ملكهم وخرج وقد ضمّ يديه معا، وقال للملك: اختر ما في احداهما فاختار ما في اليمنى فرمى إليه بما فيها، وكانت ثلاثة أحجار من الياقوت لا مثل لها وهي عند ملوكهم في التاج يتوارثونها.
وقد دخلت جزيرة سيلان هذه، وهم مقيمون على الكفر إلا أنّهم يعظمون فقراء المسلمين ويؤوونهم إلى دورهم ويطعمونهم الطعام ويكونون في بيوتهم بين أهليهم واولادهم خلافا لساير كفار الهند فانهم لا يقربون المسلمين ولا يطعمونهم في آنيتهم ولا يسقونهم فيها، مع أنهم لا يؤذونهم ولا يهجونهم، ولقد كنّا نضطرّ إلى أن يطبخ لنا بعضهم اللحم فياتون به