يعودون إلى أهلي وأقاربي ويذكرون أنّي سافرت إلى أرض الهند برسم الكدية فيكون سبّة، وعلي لا أفعل ذلك.
وسافر معهم إلى الصين فبلغني بعد وأنا بأرض الهند، أنه لما بلغ إلى مدينة المالق «٢٠» وهي آخر البلاد التي من عمالة ما وراء النهر، وأول بلاد الصين، أقام بها وبعث فتى له بما كان عنده من المتاع فأبطأ الفتى عليه وفي أثناء ذلك وصل من بلده بعض التجار ونزل معه في فندق واحد فطلب منه الشريف أن يسلفه شيئا بخلال ما يصل فتاه، فلم يفعل، ثم أكّد قبح ما صنع في عدم التوسعة على الشريف بأن أراد الزيادة عليه في المسكن الذي كان له بالفندق، فبلغ ذلك الشريف فاغتم منه ودخل إلى بيته فذبح نفسه «٢١» فأدرك وبه رمق، واتهموا غلاما كان له بقتله، فقال لهم: لا تظلموه فإني أنا فعلت ذلك بنفسي ومات من يومه غفر الله له! وكان قد حكى لي عن نفسه أنه أخذ مرة من بعض تجار دمشق ستة آلاف درهم قراضا فلقيه ذلك التاجر بمدينة حماة من أرض الشام فطلبه بالمال، وكان قد باع ما اشترى به من المتاع بالدّين فاستحيى من صاحب المال، ودخل إلى بيته وربط عمامته بسقف البيت وأراد أن يخنق نفسه، وكان في أجله تأخير فتذكّر صاحبا له من الصيارفة فقصده وذكر له القضية فسلفه مالا دفعه للتاجر.
ولما أردت السفر من خوارزم اكتريت جمالا واشتريت محارة «٢٢» وكان عديلي بها عفيف الدّين التوزري، وركب الخدّام بعض الخيل، وجلّلنا باقيها لأجل البرد ودخلنا البرية التي بين خوارزم وبخاري، وهي مسيرة ثمانية عشر يوما في رمال لا عمارة بها إلا بلدة واحدة، فودعت الأمير قطلودمور وخلع عليّ خلعة، وخلع علي القاضي أخرى وخرج مع الفقهاء لوداعي، وسرنا أربعة أيام، ووصلنا إلى مدينة ألكات «٢٣» وليس بهذه الطريق عمارة