المؤمنين وناصر الدين المتوكّل على رب العالمين «١٣٣» أمرا لي بالوصول إلى حضرته العلية فقبّلته، وأمتثلته على الفور، واشتريت جملين لركوبي بسبعة وثلاثين مثقالا وثلث، وقصدت السّفر إلى توات «١٣٤» ، ورفعت زاد سبعين ليلة إذ لا يوجد الطعام فيما بين تكدا وتوات، إنما يوجد اللحم واللبن والسمن يشتري بالأثواب، وخرجت من تكدّا يوم الخميس الحادي عشر لشعبان سنة أربع وخمسين «١٣٥» في رفقة كبيرة فيهم جعفر التواتي، وهو من الفضلاء، ومعنا الفقيه محمد بن عبد الله قاضي تكدّا، وفي الرفقة نحو ستمائة خادم «١٣٦» فوصلنا إلى كاهر من بلاد السلطان الكركرى، وهي أرض كثيرة الأعشاب يشتري بها الناس من برابرها الغنم ويقدّدون لحمها ويحمله أهل توات إلى بلادهم.
ودخلنا منها إلى برية لا عمارة بها ولا ماء، وهي مسيرة ثلاثة أيام، ثم سرنا بعد ذلك خمسة عشر يوما في بريّة لا عمارة بها إلا أن بها الماء، ووصلنا إلى الموضع «١٣٧» الذي يفترق به طريق غات الآخذ إلى ديار مصر، وطريق توات، وهنالك أحساء ماء يجري على الحديد، فإذا غسل به الثوب الأبيض اسودّ لونه! وسرنا من هنالك عشرة أيام ووصلنا إلى بلاد هكّار «١٣٨» ، وهم طائفة من البربر ملثمون لا خير عندهم، ولقينا أحد كبرائهم فحبس القافلة حتى غرموا له أثوابا وسواها! وكان وصولنا إلى بلادهم في شهر رمضان، وهم لا يغيرون فيه ولا يعترضون القوافل، واذا وجد سرّاقها المتاع بالطريق في رمضان لم يعرضوا له، وكذلك جميع من بهذه الطريق من البرابر.