للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأول ما رأيت هذه الطائفة بمحلة السلطان طرمشيرين ملك تركستان، وكانوا نحو خمسين فحفر لهم غار تحت الأرض، وكانوا مقيمين به لا يخرجون إلا لقضاء حاجة.

ولهم شبه القرن يضربونه أول النهار وآخره وبعد العتمة، وشأنهم كله عجب ومنهم الرجل الذي صنع للسلطان غياث الدين الدامغاني سلطان بلاد المعبر حبوبا يأكلها تقوية على الجماع «٤٤» ، وكان من أخلاطها برادة الحديد، فأعجبه فعلها فأكل منها أزيد من مقدار الحاجة فمات، وولي ابن أخيه ناصر الدين فأكرم هذا الجوكي ورفع قدره! ثم سافرنا إلى مدينة جنديري «٤٥» ، وضبط اسمها بفتح الجيم المعقود وسكون النون وكسر الدال المهمل وياء مد وراء مدينة عظيمة لها أسواق حافلة يسكنها أمير أمراء تلك البلاد عز الدين البنتاني، بالباء الموحدة ثم النون ثم التاء المثناة مفتوحات ثم ألف ونون، وهو المدعوا بأعظم ملك. وكان خيّرا فاضلا يجالس أهل العلم، وممن كان يجالسه الفقيه عز الدين الزّبيري والفقيه العالم وجيه الدين البياني، نسبة إلى مدينة بيانة التي تقدم ذكرها «٤٦» والفقيه القاضي المعروف بقاضي خاصّة، وإمامهم شمس الدين، وكان النائب عنه على أمور المخزن يسمى قمر الدين، ونائبه على أمور العسكر سعادة التّلنكي من كبار الشجعان، وبين يديه تعرض العساكر وأعظم ملك لا يظهر إلا في يوم الجمعة أو غيرها نادرا.

ثم سرنا من جنديري إلى مدينة ظهار، وضبط اسمها بكسر الظاء المعجم، وهي مدينة المألوة أكبر عمالة تلك البلاد، وزرعها كثير خصوصا القمح، ومن هذه المدينة تحمل أوراق التنبول إلى دهلي وبينهما أربعة وعشرون يوما.

وعلى الطريق بينهما أعمدة منقوشة عليها عدد الأميال فيما بين كلّ عمودين فإذا أراد المسافر أن يعلم عدد ما سار في يومه وما بقى له إلى المنزل أو إلى المدينة التي يقصدها قرأ النقش الذي في الأعمدة فعرفه! ومدينة ظهار اقطاع للشيخ ابراهيم الذي من أهل ذيبة المهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>