أودهم، ومنها صدقته على المساكين بحضرته بالطّنافس الوثيرة والقطائف الجياد يفترشونها عند رقادهم، وتلك مكرمة لا يعلم لها نظير، ومنها بناء المارستانات في كل بلد من بلاده، وتعيين الأوقاف الكثيرة لمؤن المرضى وتعيين الأطباء لمعالجتهم والتصرف في طبّهم «١١٥» ، إلى غير ذلك مما أبدع فيه من أنواع المكارم وضروب المآثر كافى الله أياديه وشكر نعمه.
وأما رفعه للمظالم عن الرعية فمنها الرتب التي كانت توخذ بالطرقات، أمر أيده الله بمحو رسمها وكان لها مجبى عظيم فلم يلتفت إليه، وما عند الله خير وأبقى «١١٦» ، وأما كفه أيدي الظلام فأمر مشهور، وقد سمعته أيده الله- يقول لعماله: لا تظلموا الرعية! ويؤكد عليهم في ذلك الوصية.
قال ابن جزي: ولو لم يكن من رفق مولانا أيده الله برعيته إلا رفعه التّضييف الذي كانت عمّال الزكاة وولاة البلاد تأخذه من الرّعايا، لكفى ذلك أثرا في العدل ظاهرا، ونورا في الرفق باهرا، فكيف وقد رفع من المظالم وبسط من المرافق ما لا يحيط به الحصر.
وقد صدر في أيام تصنيف هذا من أمره الكريم في الرفق بالمسجونين ورفع الوظائف الثّقيلة التي كانت توخذ منهم ما هو اللائق بإحسانهم والمعهود من رأفته، وشمل الأمر بذلك جميع الاقطار، وكذلك صدر من التنكيل بمن ثبت جوره من القضاة والحكام ما فيه زاجر الظّلمة وردع المعتدين! وأما فعله في معاونة أهل الاندلس على الجهاد ومحافظته على إمداد الثغور بالاموال والاقوات والسلاح وفتّه في عضد العدو بإعداد العدد وإظهار القوة فذلك أمر شهير لم يغب علمه عن أهل المغرب والمشرق ولا سبق إليه أحد من الملوك «١١٧» .