وتوجهت إلى مدينة سبتة «١» فأقمت بها أشهرا وأصابني بها المرض ثلاثة أشهر ثم عافاني الله فأردت أن يكون لي حظ من الجهاد والرباط، فركبت البحر من سبتة في شطّي «٢» لأهل أصيلا «٣» ، فوصلت إلى بلاد الأندلس حرسها الله تعالى، حيث الأجر موفور للساكن والثواب مذخور للمقيم والظاعن، وكان ذلك أثر موت طاغية الرّوم أدفونش «٤» وحصاره الجبل عشرة أشهر، وظنه أنه يستولي على ما بقي من بلاد الاندلس للمسلمين فأخذه الله من حيث لم يحتسب ومات بالوباء الذي كان أشد الناس خوفا منه.
وأول بلد شاهدته من البلاد الأندلسية جبل الفتح «٥» فلقيت به خطيبه الفاضل أبا زكرياء يحيى بن السراج الرّندى «٦» وقاضيه عيسى البربري، وعنده نزلت وتطوفت معه على الجبل، فرأيت عجائب ما بنى به مولانا أبو الحسن رضي الله عنه وأعد فيه من العدد وما زاد على ذلك مولانا أيده الله، ووددت أن لو كنت ممّن رابط به إلى نهاية العمر.