للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم سافرت من مراكش صحبة الرّكاب العليّ: ركاب مولانا أيده الله فوصلنا إلى مدينة سلا، ثم إلى مدينة مكناسة العجيبة الخضرة النّضرة ذات البساتين والجنّات المحيطة بها بحائر الزيتون من جميع نواحيها ثم وصلنا إلى حضرة فاس حرسها الله تعالى، فوادعت بها مولانا أيده الله.

وتوجهت برسم السفر إلى بلاد السودان «١» فوصلت إلى مدينة سجلماسة «٢» ، وهي من أحسن المدن وبها التّمر الكثير الطيب، وتشبهها مدينة البصرة في كثرة التمر، لكن تمر سجلماسة أطيب، وصنف إيرار «٣» منه لا نظير له في البلاد، ونزلت منها عند الفقيه أبي محمد البشري وهو الذي لقيت أخاه بمدينة قنجنفو من بلاد الصين «٤» فيا شدّ ما تباعدا! فأكرمني غاية الاكرام واشتريت بها الجمال وعلّفتها أربعة أشهر.

ثم سافرت في غرة شهر الله المحرم سنة ثلاث وخمسين «٥» في رفقة مقدّمها أبو محمد يندكان المسّوفي رحمه الله، وفيها جماعة من تجار سجلماسة وغيرهم، فوصلنا بعد خمسة وعشرين يوما إلى تغازّى «٦» وضبط اسمها بفتح التاء المثناة والغين المعجم وألف وزاي مفتوح أيضا، وهي قرية لا خير فيها، ومن عجائبها أن بناء بيوتها ومسجدها من حجارة الملح! وسقفها من جلود الجمال! ولا شجر بها، إنما هي رمل فيه معدن الملح يحفر عليه في الأرض فيوجد منه ألواح ضخام متراكبة كأنها قد نحتت ووضعت تحت الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>