رجع، وفي أشجار هذه الغابة التي بين إيوالّاتن ومالي ما يشبه ثمرة الإجّاص والتفاح والخوخ والمشمش وليست بها، وفيها أشجار تثمر شبه الفقوص، فإذا طاب انفلق عن شيء شبه الدقيق، فيطبخونه ويأكلونه ويباع بالأسواق، ويستخرجون من هذه الأرض حبات كالفول فيقلونها ويأكلونها، وطعمها كطعم الحمص المقلوّ «٣٤» ، وربما طحنوها وصنعوا منها شبه الاسفنج وقلوه بالغرتي «٣٥» . والغرتي: بفتح الغين المعجم وسكون الراء وكسر التاء المثناة، وهو ثمر كالاجاص شديد الحلاوة مضر بالبيضان إذا أكلوه، ويدق عظمه فيستخرج منه زيت لهم فيه منافع، فمنها أنهم يطبخون به ويسرجون السّرج ويقلون به هذا الاسفنج ويدهنون به ويخلطونه بتراب عندهم ويسطّحون به الدور كما تسطح بالجير، وهو عندهم كثير متيسر، ويحمل من بلد إلى بلد في قرع كبار تسع القرعة منها قدر ما تسعه القلّة ببلادنا.
والقرع ببلاد السودان يعظم، ومنه يصنعون الجفان، يقطعون القرعة نصفين فيصنعون منها جفنتين وينقشونها نقشا حسنا، وإذا سافر أحدهم يتبعه عبيده وجواريه، يحملون فرشه وأوانيه التي يأكل ويشرب فيها، وهي من القرع.
والمسافر بهذه البلاد لا يحمل زادا ولا إداما ولا دينارا ولا درهما، إنما يحمل قطع الملح وحليّ الزجاج الذي يسمّيه الناس النظم «٣٦» ، وبعض السلع العطرية، وأكثر ما يعجبهم منها القرنفل والمصطكي وتاسرغنت «٣٧» وهو بخورهم، فإذا وصل قرية جاء نساء السودان