الصّين ابتداء من مضيق فرموزة وعبر النهر الأعظم والنهر الأصفر وآب حياة ... كان كسولا في تتبع محطات سيره ولكأنما كانت الصين صحراء قفراء. لا ذكر لبعض الأطعمة الصينية وأشربتها وفي صدرها الشاي الذي كان انتشر على ذلك العهد «٤» . لكن الوثبات الكبرى هي التي سجلت عليه وقد قرر أن يعود إلى بلاده المغرب عندما أنهى زيارته للصين ورجع من حيث أتى دون تدقيق ولا تفصيل. فمن مدينة الزيتون حيث عشرات الجنوك ... عبر الجاوة ثم طوالسى وسمطره حيث حضر أعراس الأمير ولد الملك الظاهر في الجاوة، ثم إلى ظفار، وفارس والعراق، ثم الحج السادس والأخير قبل أن يعود إلى المغرب ... كان يمر سريعا وكأن وراءه ما يمنعه عن الاسترسال في الحديث.
وقد لاحظ گيب ومعه هربك أن أمير شيراز لا يمكن أن يكون عام ٧٢٧- ١٣٢٧ هو أبا إسحاق ابن محمد الذي إنما حكم من عام ١٣٤٣ إلى عام ١٣٥٧. وهكذا نجد مرة أخرى أن الرحالة المغربي يمزج مشاهداته عند الذهاب بمشاهداته عند الإياب ... !
وعند ما يذكر ابن بطوطة أنه زار هرمز عام ٧٣١- ١٣٣١ يعقّب هربك أيضا بأن الرحالة المغربي إنما زار هرمز عند عودته من الهند والصين عام ١٣٤٧! وعند ما وصل ابن بطوطة لمدينة (العلايا) أول بلاد الروم أمسك هربك بتلابيبه وضبط بالعدّ والحساب أنه زار ٢٩ محلة في انطالية انطلاقا من العلايا حوالي فاتح ربيع الثاني ٢٠ ٧٣٣- دجنبر ١٣٣٢. وقد حاول العالم التشيكي أن يقوم هو بإعادة تمثيل خط السير فاصطدم بمصاعب وتناقضات ... !!
وعند ما تحدث ابن بطوطة عن استشهاد الأمير عمر بك ابن سلطان يزمير، عقّب گيب على ذلك بأن الأمير قام بغزوته الأولى في الدردنيل عام ٧٣٢- ١٣٣٢، وقد لقي حتفه في شهر مايه ١٣٤٨- محرم ٧٤٩، وهكذا فإن ابن بطوطة لم يمكنه أن يعلم باستشهاده الّا عند العودة من سفره ...
وقد بيّن هربك أن ابن بطوطة- وهو في سوريا- ذكر أنه زار أكثر من عشرين موقعا خلال شعبان ورمضان ٧٢٦ يوليه، غشت ١٣٢٦ ... وهذا غير مقبول، ولا معقول! وهو الأمر الذي يؤكد أن الرحالة المغربي كان يخلط بين زياراته للأماكن في المرة الأولى والثانية.
وقد حاول بعض الباحثين أن يشكّك في أمر وصول ابن بطّوطة إلى اصطنبول لكن