وصارت قاسا تركب كلّ يوم في جواريها وعبيدها وعلى رؤوسهم التّراب، وتقف عند المشور متنقبة لا يرى وجهها. وأكثر الامراء الكلام في شأنها فجمعهم السلطان في المشور وقال لهم دوغا على لسانه: إنكم قد اكثرتم الكلام في امر قاسا وإنها أذنبت ذنبا كبيرا ثم أوتى بجارية من جواريها مقيّدة مغلولة، فقيل لها: تكلمي بما عندك فأخبرت أن قاسا بعثتها إلى جاطا ابن عم السلطان الهارب عنه إلى كنبرني «٩٠» ، واستدعته ليخلع السلطان عن ملكه!! وقالت له: أنا وجميع العساكر طوع أمرك، فلما سمع الامراء ذلك قالوا: إن هذا ذنب كبير وهي تستحق القتل عليه، فخافت قاسا من ذلك واستجارت بدار الخطيب، وعادتهم أن يستجيروا هنالك بالمسجد وان لم يتمكن فبدار الخطيب.
وكان السودان يكرهون منسى سليمان لبخله وكان قبله منسى مغا، وقبل مغا، منسى موسى «٩١» ، وكان كريما فاضلا يحب البيضان، ويحسن اليهم وهو الذي أعطى لأبي إسحاق الساحلي في يوم واحد أربعة آلاف مثقال «٩٢» ، وأخبرني بعض الثقات أنه أعطى لمدرك بن فقّوص ثلاثة آلاف مثقال في يوم واحد، وكان جده سارق جاطة «٩٣» أسلم على يدي جد مدرك هذا.