بعد خروجي عنها، وأضافني بها الحاج محمد الوجدي التازي وهو ممن دخل اليمن «١١٤» ، والفقيه محمد الفيلالي امام مسجد البيضان.
ثم سافرت منها برسم تكدا «١١٥» في البر مع قافلة كبيرة للغدامسيين، دليلهم ومقدمهم الحاج وجّين «١١٦» بضم الواو وتشديد الجيم المعقودة، ومعناه الذئب بلسان السودان، وكان له جمل لركوبي وناقة لحمل الزاد، فلما رحلنا أول مرحلة وقفت الناقة فأخذ الحاج وجين ما كان عليها وقسمه على أصحابه فتوزّعوا حمله، وكان في الرفقة مغربي من أهل تادلة «١١٧» فأبى أن يرفع من ذلك شيئا كما فعل غيره، وعطش غلامي يوما فطلبت منه الماء فلم يسمح به! ثم وصلنا إلى بلاد بردامة «١١٨» وهي قبيلة من البربر، وضبطها بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهمل والف وميم مفتوح وتاء تأنيث، ولا تسير القوافل إلّا في خفارتهم، والمرأة عندهم في ذلك أعظم شأنا من الرجل، وهم رحّالة لا يقيمون، وبيوتهم غريبة الشكل يقيمون أعوادا من الخشب ويضعون عليها الحصر، وفوق ذلك أعواد مشتبكة، وفوقها الجلود أو ثياب القطن، ونساؤهم أتم النساء جمالا وأبدعهن صوّرا، مع البياض الناصع والسّمن! ولم أر في البلاد من يبلغ مبلغهن في السّمن! وطعامهن حليب البقر وجريش الذرة يشربنه مخلوطا بالماء غير مطبوخ عند المساء والصباح، ومن أراد التزوّج منهن سكن بهن في أقرب البلاد إليهن ولا يتجاوز بهن كوكو ولا إيوالّاتن.