هذا أيضا إلى العلاقات التي ربطت مصر بافريقيا السوداء وخاصة بعد حجة إمبراطور مالي موسى ومقدم سراج الدّين بن الكويك على العاهل الإفريقي ...
وإذا تحدث التاريخ عن المراسم والتشريفات المتبعة في القصور فلابد أن يرجع إلى الرحالة المغربي وهو يؤدي وصفا دقيقا لامر المراسم بالهند عندما يتنقّل السلاطين وعند استقبالهم للأعياد وتنظيمهم للاستقبالات والحفلات واستعمالهم للسّرير الأعظم والمبخرة العظمى.
ومن خلال رحلة ابن بطوطة عرفنا عن ممالك أخرى كانت بالنسبة إلينا وراء الظل، مثلا عن انطاليا (بلاد الأناضول) وما احتوت عليه من إمارات توزعت الحكم هنا وهناك:
إمارات وممالك في الأناضول كان ابن بطوطة يخترق حدودها بدون تأشيرة. ومن خلال الرحلة عرفنا عن الدولة الأرتقية في ماردين شمال العراق وجنوب تركيا وقد استمرت طوال ثلاثة قرون. ولقد عرفنا، عن طريق الرحلة، عن علاقات جمهورية جنوة بآسيا الصغرى وبجنوبي الروسيا، وعلاقات هذه المنطقة بمماليك مصر ...
ومن خلال الرحلة سمعنا عن بطل من أبطال التاريخ الإسلامي: عمر بك الذي استمات في الدفاع عن وطنه وحاول جاهدا أن يفتح القسطنطينية قبل الموعد الذي نعرفه لفتحها، حيث التجأت الروم إلى البابا الذي عهد إلى جنوة وفرنسا بمساعدة القسطنطينية.
كثيرة هي المعلومات التي قدمها إلينا مما لم يكن معروفا حتى لدى ابناء البلاد المعنية بالأمر.
لقد حمل تلك المعلومات معه إلى بلاد المغرب بعيدا عن الرّقابة حيث تقدم اليوم لأصحابها حتى يضيفوها إلى ما عندهم.
وقد أصبح اليوم حديثه عن الحدود بين حكومة وأخرى وعن الإجراءات التي كان يقوم بها لدى الجهات المعنية حتى يؤذن له بالزيارة، أصبح ذلك حجة تتردد أصداؤها اليوم في المحافل الدولية على أنها تعني حقائق تاريخية ينبغي الاستئناس بها إن لم يمكن التمسك بها على ما سنشير إليه في التعاليق عند الاقتضاء.
وقد كشف ابن بطوطة عن دور الزواج السياسي في إحكام العلاقات بين أمة وأخرى، وقد عاش هو هذا التاريخ فرأى كيف أن سلطان قفجق يتزوّج بإحدى بنات أمبراطور القسطنطينية، ورأى أنّ ملك مصر يتزوج ابنة سلطان خوارزم، إلى آخر النظائر التي ذكرها.
وابن بطوطة هو الذي لفت نظرنا إلى مناهضة العنصرية من لدن بعض الحكام الهنود المستنيرين من الذين حرّموا في إقليمهم استعمال كلمة (الأجنبي) أو حتى كلمة (الغريب) ...