للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها وتركتهم هنالك وارتحلت مع رفقة من تجار تونس منهم الحاج مسعود بن المنتصر والحاج العدولي ومحمد بن الحجر فوصلنا مدينة الجزائر «٢٢» وأقمنا بخارجها أياما إلى أن قدم الشيخ أبو عبد الله وابن القاضي فتوجّهنا جميعا على متّيجة «٢٣» إلى جبل الزّان، ثم وصلنا إلى مدينة بجاية «٢٤» فنزل الشيخ أبو عبد الله بدار قاضيها أبي عبد الله الزواوي ونزل أبو الطيب ابن القاضي بدار الفقيه أبي عبد الله المفسر. وكان أمير بجاية إذ ذاك أبا عبد الله محمد بن سيّد الناس الحاجب «٢٥» ، وكان قد توفي من تجار تونس الذين صحبتهم من مليانة محمد بن الحجر الذي تقدم ذكره وترك ثلاثة آلاف دينار من الذهب «٢٦» ، وأوصى بها لرجل من أهل الجزائر يعرف بابن حديدة ليوصلها إلى ورثته بتونس فانتهى خبره لابن سيّد الناس المذكور فانتزعها من يده، وهذا أول ما شاهدته من ظلم عمال الموحدين وولاتهم! ولما وصلنا إلى بجاية كما ذكرته أصابتني الحمّى فأشار عليّ أبو عبد الله الزّبيدي بالاقامة فيها حتى يتمكن البرء مني، فأبيت، وقلت: إن قضى الله عز وجل بالموت فتكون وفاتي بالطريق، وأنا قاصد أرض الحجاز. فقال لي: أمّا إن عزمت فبع دابتك وثقل المتاع وأنا أعيرك دابة، وخباء وتصحبنا خفيفا فإننا نجدّ السير خوف معرة العرب في الطريق! ففعلت هذا وأعارني ما وعد به، جزاه الله خيرا، وكان ذلك أول ما ظهر لي من الألطاف الالاهية، في تلك الوجهة الحجازية.

<<  <  ج: ص:  >  >>