رجع، ثم سفرت في أرض رملة إلى مدينة دمياط «٦٣» وهي مدينة فسيحة الأقطار متنوعة الثمار، عجيبة الترتيب، آخذة من كل حسن بنصيب، والناس يضبطون اسمها بإعجام الذال، وكذلك ضبطه الإمام أبو محمد عبد الله بن علي الرشاطي، وكان شرف الدين الامام العلامة أبو محمد عبد المومن ابن خلف الدمياطي «٦٤» امام المحدثين يضبطها بإهمال الدال، ويتبع ذلك بأن يقول: خلافا للرشاطي وغيره، وهو أعرف بضبط اسم بلده.
ومدينة دمياط على شاطىء النّيل وأهل الدور الموالية له يستقون منه الماء بالدلاء، وكثير من دورها بها دركات ينزل فيها إلى النيل وشجر الموز بها كثير يحمل ثمره إلى مصر في المراكب، وغنمها سائمة هملا بالليل والنهار، ولهذا يقال في دمياط: سورها حلوى، وكلابها غنم! وإذا دخلها أحد لم يكن له سبيل إلى الخروج عنها إلا بطابع الوالي، فمن كان من الناس معتبرا طبع له في قطعة كاغد يستظهر به لحراس بابها، وغيرهم يطبع على ذراعه فيستظهر به! والطير البحري بهذه المدينة كثير متناهي السمن. وبها الألبان الجاموسية التي لا مثل لها في عذوبة الطعم وطيب المذاق، وبها الحوت البوري يحمل منها إلى الشام وبلاد الروم ومصر، وبخارجها جزيرة بين البحر والنيل تسمى البرزخ «٦٥» ، بها مسجد وزاوية لقيت بها شيخها المعروف بابن قفل وحضرت عنده ليلة جمعة ومعه جماعة من الفقراء الفضلاء المتعبدين الأخيار قطعوا ليلتهم صلاة وقراءة وذكرا.
ودمياط هذه حديثة البناء والمدينة القديمة هي التي خرّبها الافرنج «٦٦» على عهد الملك