ثم سرنا حتى وصلنا إلى مدينة غزة «١» ، وهي أول بلاد الشام مما يلي مصر متسعة الأقطار كثيرة العمارة حسنة الأسواق بها المساجد العديدة ولا سور عليها، وكان بها مسجد جامع حسن، والمسجد الذي تقام الآن به الجمعة فيها بناه الأمير المعظم الجاولي «٢» ، وهو أنيق البناء محكم الصنعة ومنبره من الرخام الأبيض، وقاضي غزة بدر الدين السلختي الحوراني، ومدرسها علم الدين بن سالم، وبنو سالم كبراء هذه المدينة، ومنهم شمس الدين قاضي القدس.
ثم سافرت من غزة إلى مدينة الخليل «٣» صلى الله على نبيّنا وعليه وسلم تسليما، وهي مدينة صغيرة الساحة، كبيرة المقدار، مشرقة الأنوار حسنة المنظر، عجيبة المخبر، في بطن واد، ومسجدها أنيق الصنعة محكم العمل بديع الحسن سامي الارتفاع «٤» مبني بالصخر المنحوت، في أحد أركانه صخرة أحد أقطارها سبعة وثلاثون شبرا. ويقال: إن سليمان عليه السلام أمر الجن ببنائه «٥» ، وفي داخل المسجد الغار المكرم المقدس، فيه قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب، صلوات الله على نبينا وعليهم، ويقابلها قبور ثلاثة: هي قبور أزواجهم، وعن يمين المنبر بلصق جدار القبلة موضع يهبط منه على درج رخام محكمة العمل إلى مسلك ضيق يفضي إلى ساحة مفروشة بالرخام فيها صور القبور الثلاثة، ويقال: إنها