حوران نزلنا بالقرب منها، ثم ارتحلنا إلى مدينة بصرى وهي صغيرة «١٠» ، ومن عادة الركب أن يقيم بها أربعا ليلحق بهم من تخلف بدمشق لقضاء مأربه، وإلى بصرى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث في تجارة خديجة، وبها مبرك ناقته، قد بني عليه مسجد عظيم، ويجتمع أهل حوران لهذه المدينة ويتزود الحاج منها، ثم يرحلون إلى بركة زيزة «١١» ويقيمون عليها يوما ثم يرحلون إلى اللّجون «١٢» وبها الماء الجاري، ثم يرحلون إلى حصن الكرك «١٣» ، وهو من أعجب الحصون وأمنعها وأشهرها ويسمى بحصن الغراب، والوادي يطيف به من جميع جهاته، وله باب واحد قد نحت المدخل اليه في الحجر الصلد، ومدخل دهليزه كذلك وبهذا الحصن يتحصّن الملوك، وإليه يلجأون في النوايب، وله لجأ الملك الناصر «١٤» لأنه ولي الملك وهو صغير السنّ فإستولى على التدبير مملوكه سلار «١٥» النايب عنه فأظهر الملك الناصر أنه يريد الحج ووافقه الأمراء على ذلك فتوجه إلى الحج فلما وصل عقبة أيلة «١٦» لجأ إلى الحصن وأقام به أعواما إلى أن قصده أمراء الشام واجتمعت عليه المماليك.