أيام رحيلهم عن تبوك يصلون إلى بئر الحجر «٢٨» حجر ثمود «٢٩» ، وهي كثيرة الماء ولكن لا يردها أحد من الناس مع شدة عطشهم اقتداء بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث مر بها في غزوة تبوك فأسرع براحلته وأمر أن لا يسقى منها أحد، ومن عجن به أطعمه الجمال.
وهنالك ديار ثمود في جبال من الصخر الاحمر منحوتة لها عتب منقوشة يظن رائيها أنها حديثة الصنعة، وعظامهم نخرة في داخل تلك البيوت، إن في ذلك لعبرة. ومبرك ناقة صالح عليه السلام بين جبلين هنالك وبينهما أثر مسجد يصلي الناس فيه، وبين الحجر والعلا «٣٠» نصف يوم أو دونه، والعلا قرية كبيرة حسنة لها بساتين النخل والمياه المعينة يقيم بها الحجاج أربعا، ويتزودون ويغسلون ثيابهم ويودعون بها ما يكون عندهم من فضل زاد ويستصحبون قدر الكفاية.
وأهل هذه القرية أصحاب أمانة. وإليها ينتهي تجار نصارى الشام لا يتعدونها «٣١» ويبايعون الحجاج بها الزاد وسواه، ثم يرحل الركب من العلا فينزلون في غد رحيلهم الوادي المعروف بالعطاس «٣٢» ، وهو شديد الحر تهب فيه السموم المهلكة، هبّت في بعض السنين على الركب فلم يخلص منهم إلا اليسير، وتعرف تلك السنة سنة الأمير الجالقي «٣٣» ، ومنه ينزلون هديّة «٣٤» وهي حسيان ماء بواد يحفرون به فيخرج الماء وهو زعاق، وفي اليوم الثالث ينزلون بظاهر البلد المقدس الكريم الشريف.