رجالا ونساء والراقصات، وكلهم مماليك السلطان، والقبة مزينة بثياب الحرير المذهب، أعلاها وأسفلها وداخلها وخارجها، وفي وسطها ثلاثة أحواض من جلود الجواميس مملوءة ماء قد حل فيه الجلّاب يشربه كل وارد وصادر لا يمنع منه أحد، وكل من يشرب منه يعطي بعد ذلك خمس عشرة ورقة من أوراق التنبول والفوفل والنورة «٢٠٣» فيأكلها فتطيب نكهته وتزيد في حمرة وجهه ولثاته، وتقمع عنه الصفراء، وتهضم ما أكل من الطعام، ولما ركب الشيخ سعيد على الفيل فرشت له ثياب الحرير بين يدي الفيل يطأ عليها الفيل من باب المدينة إلى دار السلطان، وأنزل بدار تقرب من دار الملك وبعث له أموالا طائلة، وجميع الأثواب المعلقة والمفروشة بالقباب والموضوعة بين يدي الفيل لا تعود إلى السلطان بل يأخذها أهل الطرب وأهل الصناعات الذين يصنعون القباب وخدام الأحواض وغيرهم، وهكذا فعلهم متى قدم السلطان من سفر، وأمر الملك بكتاب الخليفة أن يقرأ على المنبر بين الخطبتين في كل يوم جمعة وأقام الشيخ سعيد شهرا ثم بعث معه الملك هدايا إلى الخليفة فوصل كنبايت، وأقام بها حتى تيسرت أسباب حركته في البحر، وكان ملك الهند قد بعث أيضا من عنده رسولا إلى الخليفة وهو الشيخ رجب البرقعي أحد شيوخ الصوفية، وأصله من مدينة القرم «٢٠٤» من صحراء قبجق «٢٠٥» ، وبعث معه هدايا الخليفة منها حجر ياقوت قيمته خمسون الف دينار وكتب له يطلب منه أن يعقد له النيابة عنه ببلاد الهند والسند أو يبعث لها سواه من يظهر له، هكذا نص عليه كتابه اعتقادا منه في الخلافة وحسن نية.
وكان للشيخ رجب أخ بديار مصر يدعى بالأمير سيف الدين الكاشف، فلما وصل رجب إلى الخليفة أبي أن يقرأ الكتاب ويقبل الهدية طلا بمحضر الملك الصالح إسماعيل بن الملك «٢٠٦» الناصر، فأشار سيف الدين على أخيه رجب ببيع الحجر، فباعه واشترى بثمنه وهو ثلاثمائة ألف درهم أربعة أحجار، وحضر بين يدي الملك الصالح، ودفع له الكتاب وأحد الأحجار، ودفع سائرها لأمرائه، واتفقوا على أن يكتب لملك الهند بما طلبه فوجهوا الشهود إلى الخليفة وأشهد على نفسه أنه قدمه نائبا عنه ببلاد الهند وما يليها وبعث الملك الصالح