والبطيخ العجيب الشأن الذي ليس في الدنيا مثله إلّا ما كان من بطيخ بخاري وخوارزم وقشره أخضر وداخله أحمر، ويدخر كما تدخر الشريحة بالمغرب وله حلاوة شديدة «١٠١» ، ومن لم يكن ألف أكله فإنه في أول أمره يسهله، وكذلك اتّفق لي لمّا أكلته بأصفهان.
وأهل إصفهان حسان الصور وألوانهم بيض زاهرة مشوبة بالحمرة، والغالب عليهم الشجاعة والنجدة وفيهم كرم وتنافس عظيم فيما بينهم في الأطعمة تؤثر عنهم فيه أخبار غريبة، وربما دعا أحدهم صاحبه فيقول له: اذهب معي لتأكل نان وماس، والنان بلسانهم الخبز، والماس اللبن «١٠٢» ، فإذا ذهب معه أطعمه أنواع الطعام العجيب مباهيا له بذلك، وأهل كل صناعة يقدّمون على أنفسهم كبيرا منهم يسمونه الكلو «١٠٣» ، وكذلك كبار المدينة من غير أهل الصناعات وتكون الجماعة من الشبّان الأعزاب، وتتفاخر تلك الجماعات ويضيف بعضهم بعضا مظهرين لما قدروا عليه من الإمكان مختلفين في الأطعمة وسواها الاحتفال العظيم.
ولقد ذكر لي أن طائفة منهم أضافت طائفة أخرى فطبخوا طعامهم بنار الشمع ثم اضافتها الأخرى فطبخوا طعامهم بالحرير! وكان نزولي بأصفهان في زاوية تنسب للشيخ على ابن سهل «١٠٤» تلميذ الجنيد «١٠٥» وهي معظمة يقصدها أهل تلك الآفاق ويتبركون بزيارتها وفيها الطعام للوارد والصادر، وبها حمّام عجيب مفروش بالرخام وحيطانه بالقاشاني وهو موقوف في السبيل لا يلزم أحدا في دخوله شيء، وشيخ هذه الزاوية الصالح العابد الورع قطب الدين حسين بن الشيخ الصالح ولى الله شمس الدين محمد بن محمود بن