العتيق «١٢٠» وهو من أكبر المساجد ساحة وأحسنها بناء، وصحنه متّسع مفروش بالمرمر، ويغسل في أوان الحرّ كل ليلة ويجتمع فيه كبار أهل المدينة كلّ عشية ويصلّون به المغرب والعشاء وبشماله باب يعرف بباب حسن «١٢١» يفضي إلى سوق الفاكهة، وهي من أبدع الأسواق، وأنا أقول بتفضيلها على سوق باب البريد من دمشق وأهل شيراز أهل صلاح ودين وعفاف وخصوصا نساءها، وهنّ يلبسن الخفاف ويخرجن متلحّفات متبرقعات، فلا يظهر منهن شيء ولهن الصّدقات والإيثار، ومن غريب حالهن أنهن يجتمعن لسماع الواعظ في كلّ يوم اثنين وخميس وجمعة بالجامع الأعظم، فربّما اجتمع منهن الألف والألفان بايديهن المراوح يروّحن بها على أنفسهنّ من شدّة الحرّ، ولم أر اجتماع النساء في مثل عددهنّ في بلدة من البلاد! وعند «١٢٢» دخولي إلى مدينة شيراز لم يكن لي همّ الا قصد الشيخ القاضي الامام قطب الأولياء فريد الدهر ذي الكرمات الظاهرة مجد الدين إسماعيل بن محمد بن خذاداد «١٢٣» ، ومعنى خذاداد: عطيّة الله فوصلت إلى مدرسته المجديّة المنسوبة اليه، وبها سكناه وهي من عمارته فدخلت إليه رابع أربعة من أصحابي، ووجدت الفقهاء وكبار أهل المدينة في انتظاره فخرج إلى صلاة العصر ومعه محبّ الدين وعلاء الدين ابنا أخيه: شقيقه روح الدين ١٢»
أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وهما نائباه في القضاء لضعف بصره وكبر سنّه فسلمت عليه، وعانقني وأخذ بيدي إلى أن وصل إلى مصلّاه فأرسل يدي، وأوما إليّ أن أصلّي