بخارجها وكرهت دخولها لأن أهلها روافض، ورحلنا منها الصبح، فنزلنا مدينة الحلّة «١٧٦» وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيّها، ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات وهي كثيرة العمارة، وحدائق النخل منتظمة بها داخلا وخارجا، ودورها بين الحدائق، ولها جسر عظيم معقود على مراكب متّصلة منتظمة فيما بين الشطّين تحفّ بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطّين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل.
وأهل هذه المدينة كلّها إماميّة اثنا عشريّة، وهم طائفتان إحداهما تعرف بالأكراد والأخرى تعرف بأهل الجامعين، والفتنة بينهم متّصلة، والقتال قائم أبدا.
وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمّونه مشهد صاحب الزمان «١٧٧» ، ومن عادتهم أنّه يخرج في كلّ ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم السيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرسا مسرّجا ملجما أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابّة ويتقدّمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم، ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها وياتون مشهد صاحب الزمان فيقفون بالباب ويقولون: باسم الله يا صاحب الزمان باسم الله أخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم، وهذا أوان خروجك ليفرق الله بك بين الحق والباطل «١٧٨» . ولا يزالون كذلك وهم يضربون الأبواق والأطبال والأنفار إلى صلاة المغرب، وهم يقولون، إن محمد بن الحسن العسكري دخل ذلك المسجد وغاب فيه وأنّه سيخرج: وهو الإمام المنتظر عندهم.
وقد كان غلب على مدينة الحلّة بعد موت السلطان أبي سعيد الامير أحمد بن رميثة بن أبي نمى أمير مكّة «١٧٩» وحكمها أعواما وكان حسن السيرة يحمده أهل العراق إلى أن غلب