هذه المدينة فلم يبق منها إلا القليل وهي معتدلة الهواء رائقة الحسن على بلائها، ودروس معالمها، وفيها أيضا مشهد صاحب الزمان «٢٥٨» كما بالحلّة ثم سرنا منها مرحلة ووصلنا إلى مدينة تكريت «٢٥٩» وهي مدينة كبيرة فسيحة الارجاء مليحة الأسواق، كثيرة المساجد، وأهلها موصوفون بحسن الاخلاق، والدجلة في الجهة الشمالية «٢٦٠» منها، ولها قلعة حصينة على شطّ الدجلة، والمدينة عتيقة البناء عليها سور يطيف بها، ثم رحلنا منها مرحلتين ووصلنا إلى قرية تعرف بالعقر «٢٦١» على شطّ الدجلة، وبأعلاها ربوة كان بها حصن وبأسفلها الخان المعروف بخان الحديد، له أبراج وبناؤه حافل والقرى والعمارة متّصلة من هنالك إلى الموصل، ثم رحلنا ونزلنا موضعا يعرف بالقيّارة «٢٦٢» بمقربة من دجلة، وهنالك أرض سوداء فيها عيون تنبع بالقار ويصنع له أحواض يجتمع فيها فتراه شبه الصلصال على وجه الارض حالك اللون صقيلا رطبا، وله رائحة طيّبة، وحول تلك العيون بركة كبيرة سوداء يعلوها شبه الطحلب الرقيق فتقذفه إلى جوانبها فيصير أيضا قارا، وبمقربة من هذا الموضع عين كبيرة فإذا أرادوا نقل القار منها أوقدوا عليها النار فتنشق النار ما هنالك من رطوبة مائيّة، ثم يقطعونه قطعا وينقلونه وقد تقدّم لنا ذكر العين التي بين الكوفة والبصرة على هذا النحو، ثم سافرنا من هذه العيون مرحلتين ووصلنا بعدهما إلى الموصل «٢٦٣» .