بالقرب من المسجد ومشى الناس كلّهم حفاة ورفعت فوق رأسه أربع قباب «٥٨» من الحرير الملوّن، وعلى كل قبّة صورة طائر من ذهب.
وكان لباسه في ذلك اليوم فرجيّة قدسي «٥٩» أخضر تحتها من ثياب مصر وطروحاتها «٦٠» الحسان، وهو متقلّد بفوطة حرير معتّم بعمامة كبيرة، وضربت بين يديه الطبول والأبواق والأنفار، وأمراء الأجناد أمامه وخلفه، والقاضي والفقهاء والشرفاء معه، ودخل إلى مشوره على تلك الهيئة، وقعد الوزراء والأمراء ووجوه الأجناد في سقيفة هنالك، وفرش للقاضي بساط لا يجلس معه غيره عليه، والفقهاء والشرفاء معه، ولم يزالوا كذلك إلى صلاة العصر، فلمّا صلّوا العصر مع الشيخ أتى جميع الأجناد ووقفوا صفوفا على قدر مراتبهم، ثم ضربت الأطبال والأنفار والصّرنايات وعند ضربها لا يتحرّك أحد ولا يتزحزح عن مقامه، ومن كان ماشيا وقف فلم يتحرّك إلى خلف ولا إلى أمام «٦١» ، فإذا افرغ من ضرب الطّبلخانة «٦٢» سلّموا بأصابعهم كما ذكرنا وانصرفوا.
وتلك عادة لهم في كل يوم جمعة وإذا كان يوم السبت ياتي الناس إلى باب الشيخ فيقعدون في سقائف خارج الدار، ويدخل القاضي والفقهاء والشرفاء والصالحون والمشايخ والحجّاج إلى المشور الثاني فيقعدون على دكاكين خشب معدّة لذلك، ويكون القاضي على دكّانة وحده، وكلّ صنف على دكّانة تخصّهم لا يشاركهم فيها سواهم، ثم يجلس الشيخ بمجلسه ويبعث عن القاضي فيجلس عن يساره ثم يدخل الفقهاء فيقعد كبراؤهم بين يديه وسائرهم يسلّمون وينصرفون، ثم يدخل الشرفاء فيقعد كبراؤهم بين يديه ويسلّم سائرهم وينصرفون، وإن كانوا ضيوفا جلسوا عن يمينه، ثم يدخل المشايخ والحجّاج فيجلس كبراؤهم ويسلم سائرهم وينصرفون، ثم يدخل الوزراء ثم الأمراء ثم وجوه الأجناد طائفة بعد طائفة أخرى فيسلّمون وينصرفون ويؤتى بالطعام فيأكل بين يدي الشيخ القاضي والشرفاء ومن كان قاعدا بالمجلس، ويأكل الشيخ معهم، وإن أراد تشريف أحد من كبار أمرائه بعث عنه فأكل