فكان في كل ليلة يتيسّر للقتال، والغلاء مستول على الجزيرة، فأتى إلينا وزيره شمس الدين محمد بن علي وقاضيه عماد الدين الشونكاري وجماعة من الفضلاء فاعتذروا بما هم عليه من مباشرة الحرب.
وأقمنا عنده ستّة عشر يوما، فلمّا أردنا الانصراف قلت لبعض الأصحاب كيف ننصرف ولا نرى هذا السلطان؟ فجئنا دار الوزير وكانت في جوار الزاوية التي نزلت بها، فقلت له: إنّي أريد السلام على الملك، فقال: بسم الله، وأخذ بيدي، فذهب بي إلى داره وهي على ساحل البحر والأجفان مجلسة عندها، فإذا شيخ عليه أقبية ضيقة دنسة، وعلى رأسه عمامة وهو مشدود الوسط بمنديل، فسلم عليه الوزير وسلمت عليه، ولم أعرف أنه الملك وكان إلى جانبه ابن اخته وهو علي شاه بن جلال الدين الكيجي «١٢٨» ، وكانت بيني وبينه معرفة، فأنشأت أحادثه وأنا لا أعرف الملك فعرّفني الوزير بذلك، فخجلت منه لإقبالي بالحديث على ابن اخته دونه، واعتذرت إليه، ثم قام فدخل داره وتبعه الأمراء والوزراء وأرباب الدولة ودخلت مع الوزير، فوجدناه قاعدا على سرير ملكه وثيابه عليه لم يبدّلها، وفي يده سبحة جوهر لم تر العيون مثلها لأن مغاصات الجوهر تحت حكمه ١٢»
، فجلس أحد الأمراء إلى جانبه وجلست إلى جانب ذلك الأمير، وسألني عن حالي ومقدمي وعمّن لقيته من الملوك فأخبرته بذلك، وحضر الطعام فأكل الحاضرون ولم يأكل معهم، ثم قام فوادعته وانصرفت.
وسبب الحرب التي بينه وبين ابني أخيه أنه ركب البحر مرّة من مدينته الجديدة برسم النزهة في هرمز القديمة وبساتينها، وبينهما في البحر ثلاثة فراسخ كما قدّمناه، فخالف عليه أخوه نظام الدين، ودعى لنفسه وبايعه أهل الجزيرة، وبايعته العساكر «١٣٠» ، فخاف قطب