كانت المخطوطة في ملك الحاج محمد بن حسين العريبي القلّال عام ١٢٥٧ هـ قبل أن تنتقل إلى محمد ابن الحاج- بالشّراء الصحيح- على يد الدلال محمود السعيدي يوم ١٨ ربيع الأنور عام ١٢٨٦ وقد كتبت تواريخها بالأرقام الهندية.
والمهم في هذه النسخة أن ديباجتها لا ترتكب الخطأ الذي وقع فيه بعض النساخ من نسبة المقدمة إلى ابن بطوطة مع العلم أن المقدمة- كما قلنا مرارا- هي بقلم ابن جزي، ويلاحظ كذلك أن ناسخ السفر الأول لم ينتبه للوقوف حيث انتهى سائر النساخ ... ومن هناك وجدنا أن ناسخ السفر الثاني ابتدأه بالوصول إلى مدينة بخاري عوض الوصول إلى وادي السند المعروف ببنج آب! وإذا كانت الرحلة قد عرفت ذلك العدد العديد مما عرفنا بعضه من النسخ، فإن من مظاهر العناية بها قيام بعض المشايخ المشارقة" بانتقاء" أو" انتخاب" بعض الأطراف منها.
وعلينا، قبل أن نعرف عن هذا، أن نتساءل: متى وصلت نصوص الرحلة إلى المشرق؟
وهل عن طريق أحد الحجاج القاصدين للحجاز أو طريق مشرقيّ ورد على المغرب وحمل الرحلة معه؟
إن المقريزي المتوفى عام ٨٤٥- ١٤٤١ عندما يتحدث عن معركة مرج الصفّار التي وقعت كما هو معلوم يوم ثاني رمضان ٧٠٢- ١٢٠ أبريل ١٣٠٣، والتي تحدث عنها ابن بطوطة لم يشر لما رواه ابن بطوطة وهو الأمر الذي يدل على أن الرحلة لم تكن قد وصلت للمشرق على عهد المقريزي ...
وكذلك فإن ابن إياس الذي توفى عام ٩٣٠- ١٥٢٤ لم يعرج على معلومات ابن بطوطة حول تلك المعركة، ومعنى هذا أن الرحلة لم تكن قد وصلت إلى تلك الديار، ولهذا فإني على مثل اليقين من أن رحلة ابن بطوطة وصلت إلى ديار المشرق في أواخر القرن العاشر الهجري عند ما بعث المغرب، في عهد الدولة السعدية، بسفيره إلى اسطامبول أبي الحسن علي التمجروتي عام ٩٩٧- ١٥٨٩ حيث وجدنا هذا السفير وهو يتحدث- في رحلته- عن بعض المحطات التي مرّ بها في المشرق ينقل عن ابن بطوطة ... فمن هنا قد يصح القول إن التمجروتي اصطحب معه مقيّدات ابن بطوطة منذ ذلك التاريخ «٢١» .