للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظلّنا عيد الفطر بهذه البلدة «٣٩» فخرجنا إلى المصلّى وخرج السلطان في عساكره والفتيان الأخية، كلهم بالأسلحة، ولأهل كل صناعة الأعلام والبوقات والطبول والأنفار، وبعضهم يفاخر بعضا ويباهيه في حسن الهيأة، وكمال الشّكّة، ويخرج أهل كل صناعة معهم البقر والغنم وأحمال الخبز، فيذبحون البهائم بالمقابر ويتصدّقون بها وبالخبز، ويكون خروجهم أوّلا إلى المقابر، ومنها إلى المصلّى ولمّا صلّينا صلاة العيد دخلنا مع السلطان إلى منزله وحضر الطعام فجعل للفقهاء والمشايخ والفتيان سماط على حدة وجعل للفقراء والمساكين سماط على حدة، ولا يردّ عن بابه في ذلك اليوم فقير ولا غني، وأقمنا بهذه البلدة مدّة بسبب مخاوف الطريق، ثم تهيّأت رفقة فسافرنا معهم يوما وبعض ليلة، ووصلنا إلى حصن طواس «٤٠» ، واسمه بفتح الطاء وتخفيف الواو وآخره سين مهمل، وهو حصن كبير، ويذكر أنّ صهيبا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه من أهل هذا الحصن «٤١» ، وكان مبيتنا بخارجه، ووصلنا بالغد إلى بابه فسألنا أهله من أعلى السور عن مقدمنا، فأخبرناهم، وحينئذ خرج أمير الحصن إلياس بك «٤٢» في عسكره ليختبر نواحي الحصن والطريق خوفا من إغارة السرّاق على الماشية، فلمّا طافوا بجهاته خرجت مواشيهم، وهكذا فعلهم أبدا.

ونزلنا من هذا الحصن بربضه في زاوية رجل فقير، وبعث الينا أمير الحصن بضيافة وزاد، وسافرنا منه إلى مغلة «٤٣» ، وضبط اسمها بضم الميم واسكان الغين المعجم وفتح اللام، ونزلنا بزاوية أحد المشايخ بها، وكان من الكرماء الفضلاء يكثّر الدخول علينا بزاويته ولا يدخل إلّا بطعام أو فاكهة أو حلواء، ولقينا بهذه البلدة ابراهيم بك ولد سلطان مدينة ميلاس وسنذكره، فأكرمنا وكسانا ثم سافرنا إلى مدينة ميلاس «٤٤» وضبط اسمها بكسر الميم وياء

<<  <  ج: ص:  >  >>