ومن عوائد هذه البلاد أنّه ما كان منها ليس به سلطان فالأخي هو الحاكم به «٦٨» ، وهو يركب الوارد ويكسوه ويحسن إليه على قدره، وترتيبه في أمره ونهيه وركوبه ترتيب الملوك.
ثمّ سافرنا إلى مدينة سيواس «٦٩» ، وضبط بكسر السين المهمل وياء مدّ وآخره سين مهمل، وهي من بلاد ملك العراق، وأعظم ماله بهذا الإقليم من البلاد، وبها منزل أمرائه وعمّاله، مدينة حسنة العمارة واسعة الشوارع، أسواقها غاصّة بالناس وبها دار مثل المدرسة تسمّى دار السيادة «٧٠» لا ينزلها الّا الشرفاء، ونقيبهم ساكن بها وتجرى لهم فيها مدّة مقامهم الفرش والطعام والشمع وغيره فيزوّدون إذا انصرفوا.
ولمّا قدمنا إلى هذه المدينة خرج إلى لقائنا أصحاب الفتى أخي احمد بجقجي، وجق بالتّركية السكّين، وهذا منسوب إليه، والجيمان منه معقودان بينهما قاف، وباؤه مكسورة.
وكانوا جماعة منهم الركبان والمشاة، ثم لقينا بعدهم أصحاب الفتى أخي جلبى، وهو من كبار الأخية، وطبقته أعلى من طبقة أخي بجقجي، فطلبوا أن ننزل عندهم فلم يمكن لي ذلك لسبق الأولين، ودخلنا المدينة معهم جميعا وهم يتفاخرون والذين سبقوا إلينا قد فرحوا أشدّ الفرح بنزولنا عندهم، ثم كان من صنيعهم في الطعام والحمّام والمبيت مثل صنيع من تقدّم وأقمنا عندهم ثلاثة في أحسن ضيافة ثم أتانا القاضي وجماعة من الطلبة ومعهم خيل الأمير علاء الدين أرتنا نائب ملك العراق ببلاد الروم فركبنا إليه واستقبلنا الأمير إلى دهليز داره فسلّم علينا ورحبّ، وكان فصيح اللسان بالعربية، وسألني عن العراقين وإصبهان وشيراز وكرمان «٧١» وعن السلطان أتابك وبلاد الشام ومصر وسلاطين التركمان، وكان مراده أن أشكر الكريم منهم وأذمّ البخيل فلم أفعل ذلك،! بل شكرت الجميع فسرّ بذلك منّي، وشكرني عليه ثم