وانصرفنا عن تلك البلاد فوصلنا إلى أرزنجان «٧٧» ، وضبط اسمها بفتح الهمزة واسكان الراء وفتح الزاي وسكون النون وجيم وألف ونون، وهي من بلاد صاحب العراق مدينة كبيرة عامرة وأكثر سكّانها الأرمن «٧٨» والمسلمون يتكلّمون بها بالتركية، ولها أسواق حسنة الترتيب ويصنع بها ثياب حسان تنسب إليها، وفيها معادن النحاس ويصنعون منه الأواني والبياسيس التي ذكرناها، وهي شبه المنار عندنا، ونزلنا منها بزاوية الفتى أخي نظام الدين، وهي من أحسن الزوايا وهو ايضا من خيار الفتيان وكبارهم أضافنا أحسن ضيافة.
وانصرفنا إلى مدينة أرز الروم «٧٩» ، وهي من بلاد ملك العراق كبيرة الساحة خرب أكثرها بسبب فتنة وقعت بين طائفتين من التركمان بها، ويشقّها ثلاثة أنهار، وفي أكثر دورها بساتين فيها الأشجار والدّوالي، ونزلنا منها بزاوية الفتى أخى طومان وهو كبير السّن يقال: إنه أناف على مائة وثلاثين سنة، ورأيته يتصرّف على قدميه متوكئا على عصا، ثابت الذهن مواظبا للصلاة في أوقاتها. لم ينكر من نفسه شيئا، إلا أنّه لا يستطيع الصوم، خدمنا بنفسه في الطعام، وخدمنا أولاده في الحمّام، وأردنا الانصراف عنه ثاني يوم نزولنا فشقّ عليه ذلك وأبى منه، وقال: إن فعلتم نقصتم حرمتي، وانّما اقلّ الضيافة ثلاث، فأقمنا لديه ثلاثة.
ثم انصرفنا إلى مدينة برگي «٨٠» وضبط اسمها بباء موحدة مكسورة وكاف معقود مكسور بينهما راء مسكن، ووصلنا إليها بعد العصر فلقينا رجلا من أهلها فسألناه عن زاوية الأخي بها، فقال أنا أدلكم عليها فاتّبعناه فذهب بنا إلى منزل نفسه في بستان له، فأنزلنا