وتجهّزنا «٣٢» من مدينة الماجر نقصد معسكر السلطان وكان على أربعة أيام من الماجر بموضع يقال له بش دغ «٣٣» ، ومعنى بش عندهم خمسة وهو بكسر الباء، وشين معجم، ومعنى دغ الجبل، وهو بفتح الدال المهمل وغين معجم، وبهذه الجبال الخمسة عين ماء حارّ «٣٤» يغتسل منها الاتراك ويزعمون أنّه من اغتسل منها لم تصبه عاهة مرض! وارتحلنا إلى موضع المحلّة فوصلناه أوّل يوم من رمضان فوجدنا المحلة قد رحلت، فعدنا إلى الموضع الذي رحلنا منه لأن المحلة تنزل بالقرب منه، فضربت بيتي على تل هنالك وركّزت العلم أمام البيت وجعلت الخيل والعربات وراء ذلك، وأقبلت المحلّة وهم يسمونها الأردو. وبضمّ الهمزة «٣٥» ، فرأينا مدينة عظيمة تسير بأهلها فيها المساجد والأسواق ودخان المطبخ صاعد في الهواء، وهم يطبخون في حال رحيلهم، والعربات تجرّها الخيل بهم فإذا بلغوا المنزل نزّلوا البيوت عن العربات وجعلوها على الأرض وهي خفيفة المحمل، وكذلك يصنعون بالمساجد والحوانيت، واجتاز بنا خواتين السلطان، كلّ واحدة بناسها على حدة، ولمّا اجتازت الرابعة منهن وهي بنت الأمير عيسى بك، وسنذكرها، رأت البيت بأعلى التل والعلم أمامه، وهو علامة الوارد، فبعثت الفتيان والجواري فسلّموا عليّ وبلّغوا سلامها إليّ وهي واقفة تنتظرهم فبعثت اليها هديّة مع بعض أصحابي ومع معرّف الأمير تلكتمور فقبلتها تبركّا، وأمرت أن أنزل في جوارها وانصرفت وأقبل السلطان فنزل في محلّته على حدة.