آخر عمالة جلال الدين، فبعث إليه عامله عليها معلما بذلك واستأذنه ما يفعل في أمرهم فكتب إليه يأمره أن يأخذ أموالهم ويمثل بهم، ويقطع أعضاءهم ويردّهم إلى بلادهم لما أراد الله تعالى من شقاء أهل بلاد المشرق ومحنتهم رأيا فائلا وتدبيرا سيئا مشئوما، فلما فعل ذلك تجهز تنكيز بنفسه في عساكر لا تحصى كثرة برسم غزو بلاد الإسلام، فلما سمع عامل أطرار بحركته بعث الجواسيس ليأتوه بخبره فذكر أن أحدهم دخل محلّة بعض أمراء تنكيز في صورة سائل فلم يجد من يطعمه، ونزل إلى جانب رجل منهم فلم ير عنده زادا، ولا أطعمه شيئا، فلما أمسى أخرج مصرانا يابسة عنده، فبلّها بالماء، وفصد فرسه وملاها بدمه وعقدها وشواها بالنار، فكانت طعامه! فعاد إلى أطرار فأخبر عاملها بأمرهم وأعلمه أن لا طاقة لأحد بقتالهم فاستمد ملكه جلال الدين فأمدّه بستين ألفا زيادة على من كان عنده من العساكر، فلما وقع القتال هزمهم تنكيز ودخل مدينة أطرار بالسيف وقتل الرجال وسبى الذراري.
وأتى جلال الدين بنفسه لمحاربته فكانت بينهم وقائع لا يعلم في الإسلام مثلها «٣٨» ، وآل الأمر إلى أن تملك تنكيز ما وراء النهر وخرّب بخارى وسمرقند وترمذ. وعبر النهر، وهو نهر جيحون، إلى مدينة بلخ فتملكها ثم إلى الباميان فتملّكها وأوغل في بلاد خراسان وعراق العجم «٣٩» ، فثار عليه المسلمون في بلخ، وفيما وراء النهر، فكرّ عليهم ودخل بلخ بالسيف وتركها خاوية على عروشها «٤٠» ، ثم فعل مثل ذلك في ترمذ فخربت، ولم تعمر بعد، ولكنها بنيت مدينة على ميلين منها هي التي تسمى اليوم ترمذ، وقتل أهل الباميان وهدمها باسرها إلا صومعة جامعها، وعفا عن أهل بخارى وسمرقند ثم عاد بعد ذلك إلى العراق «٤١» وانتهى