وأهل سمرقند لهم مكارم أخلاق ومحبة في الغريب وهم خير من أهل بخارى، وبخارج سمرقند قبر قثم ابن العباس «٧٤» بن عبد المطلب رضي الله عن العباس وعن ابنه وهو المستشهد حين فتحها، ويخرج أهل سمرقند كلّ ليلة اثنين وجمعة إلى زيارته، والتتر يأتون لزيارته، وينذرون له النذور العظيمة ويأتون إليه بالبقر والغنم والدراهم والدنانير فيصرّف ذلك في النفقة على الوارد والصادر ولخدام الزاوية والقبر المبارك وعليه قبة قائمة على أربع أرجل، ومع كلّ رجل ساريتان من الرخام منها الخضر والسّود والبيض والحمر، وحيطان القبة بالرخام المجزّع المنقوش بالذهب، وسقفها مصنوع بالرصاص، وعلى القبة خشب الآبنوس المرصع مكسو الأركان بالفضة وفوقه ثلاثة من قناديل الفضة، وفرش القبة بالصوف والقطن «٧٥» وخارجها نهر كبير يشقّ الزّاوية التي هنالك وعلى حافّتيه الأشجار ودوالي العنب والياسمين، وبالزاوية مساكن يسكنها الوارد والصادر، ولم يغيّر التتر أيام كفرهم شيئا من حال هذا الموضع المبارك بل كانوا يتبرّكون به لما يرون له من الآيات، وكان الناظر «٧٦» في كل حال هذا الضريح المبارك وما يليه. حين نزولنا به، الأمير غياث الدّين محمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن يوسف بن الخليفة المستنصر بالله العباسي، وقدّمه لذلك السلطان طرمشيرين لما قدم عليه من العراق وهو الآن عند ملك الهند، وسيأتي ذكره.
ولقيت بسمرقند قاضيها المسمى عندهم صدر الجهان «٧٧» ، وهو من الفضلاء ذوي المكارم، وسافر إلى بلاد الهند بعد سفري إليها فأدركته منيته بمدنية ملتان قاعدة بلاد السند