تخرقها الأنهار، وبها البساتين الكثيرة والعنب، والسفرجل بها كثير متناهي الطيب، واللحوم بها كثيرة، وكذلك الألبان، وأهلها يغسلون رؤوسهم في الحمام باللّبن عوضا من الطّفل «٨٤» ويكون عند كل صاحب الحمام أوعية كبار مملوءة لبنا، فإذا دخل الرجل الحمام أخذ منها في إناء صغير فغسل رأسه وهو يرطب الشعر ويصلقه! وأهل الهند يجعلون في رؤوسهم زيت السّمسم، ويسمونه السيراج ويغسلون الشعر بعده بالطفل فينعم الجسم ويصقل الشعر ويطيله وبذلك طالت لحي أهل الهند ومن سكن معهم! وكانت مدينة التّرمذ القديمة مبنية على شاطىء جيحون فلما خربها تنكيز بنيت هذه الحديثة على ميلين من النهر، وكان نزولنا بها بزاوية الشيخ الصالح عزيزان، من كبار المشايخ وكرمائهم، كثير المال والرباع والبساتين ينفق على الوارد والصادر من ماله.
واجتمعت قبل وصولي إلى هذه المدينة بصاحبها علاء الملك خذاوند زاده، وكتب لي إليها بالضيافة، فكانت تحمل إلينا أيام مقامنا بها في كلّ يوم، ولقيت أيضا قاضيها قوام الدين وهو متوجه لرؤية السلطان طرمشيرين وطالب للاذن له في السفر إلى بلاد الهند، وسيأتي ذكر لقائي له بعد ذلك ولأخويه ضياء الدين وبرهان الدين بملتان، وسفرنا جميعا إلى الهند، وذكر أخويه الآخرين عماد الدين وسيف الدين، ولقاءي لهما بحضرة ملك الهند، وذكر ولديه وقدومهما على ملك الهند بعد قتل أبيهما وتزويجهما ببنتي الوزير خواجه جهان وما جرى في ذلك كله إن شاء الله تعالى! ثم أجزنا نهر جيحون إلى بلاد خراسان، وسرنا بعد انصرافنا من ترمذ وإجازة الوادي يوما ونصف يوم في صحراء ورمال لا عمارة بها إلى مدينة بلخ «٨٥» ، وهي خاوية على