التي بنت المسجد، وهي زوج أميرهم، وشكوا حالهم وما لحقهم من هذا المغرم، فبعثت إلى الأمير الذي قدم برسم تغريمهم بثوب لها مرصع بالجواهر قيمته أكثر مما أمر بتغريمه، فقالت له: اذهب بهذا الثوب إلى الخليفة، فقد أعطيته صدقة عن أهل بلخ لضعف حالهم.
فذهب به إلى الخليفة وألقى الثوب بين يديه وقصّ عليه القصة فخجل الخليفة وقال: أتكون المرأة أكرم منا؟ وأمره برفع المغرم عن أهل بلخ، وبالعودة إليها ليردّ للمرأة ثوبها، واسقط عن أهل بلخ خراج سنة! فعاد الأمير إلى بلخ وأتى منزل المرأة وقص عليها مقالة الخليفة ورد عليها الثوب، فقالت له: أوقع بصر الخليفة على هذا الثوب؟ قال: نعم، قالت: لا ألبس ثوبا وقع عليه بصر غير ذي محرم مني!! وأمرت ببيعه، فبني منه المسجد والزاوية ورباط في مقابلته مبنيّ بالكذّان، وهو عامر حتى الآن، وفضل من الثوب مقدار ثلثه فذكر أنها أمرت بدفنه تحت بعض سواري المسجد ليكون هنالك متيسّرا إن احتيج إليه خرّج، فأخبر تنكيز بهذه الحكاية فأمر بهدم سواري المسجد فهدم منها نحو الثلث ولم يجد شيئا فترك الباقي على حاله، وبخارج بلخ قبر يذكر أنه قبر عكّاشة بن محصن الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما الذي يدخل الجنة بلا حساب «٩٠» ، وعليه زاوية معظمة بها كان نزولنا، وبخارجها بركة ماء عجيبة عليها شجرة جوز عظيمة ينزل الواردون في الصيف تحت ظلالها.
وشيخ هذه الزاوية يعرف بالحاجّ خرد، وهو الصغير، من الفضلاء، وركب معنا وأرانا مزارات هذه المدينة منها قبر حزقيل «٩١» النبي عليه السلام وعليه قبة حسنة، وزرنا بها أيضا قبورا كثيرة من قبور الصالحين لا أذكرها الآن، ووقفنا على دار ابراهيم بن أدهم «٩٢» رضي الله عنه، وهي دار ضخمة مبنية بالصّخر الأبيض الذي يشبه الكذّان، وكان زرع الزاوية مختزنا بها وقد سدّت عليه، فلم ندخلها وهي بمقربة من المسجد الجامع.