وكان أمر أن لا يترك أحد ممن يأتي من خراسان يدخل بلاد الهند إلا إن كان برسم الإقامة، فلما أعلمتهم أني قدمت للإقامة استدعوا القاضي والعدول وكتبوا عقدا عليّ وعلى من أراد الإقامة من أصحابي وأبى بعضهم من ذلك.
وتجهّزنا للسفر إلى الحضرة، وبين ملتان وبينها مسيرة أربعين يوما في عمارة متصلة وأخرج الحاجب وصاحبه الذي بعث معه ما يحتاج إليه في ضيافة قوام الدين واستصحبوا من ملتان نحو عشرين طبّاخا وكان الحاجب يتقدم ليلا إلى كل منزل، فيجهّز الطعام وسواه فما يصل خذاوند زاده حتى يكون الطّعام متيسّرا، وينزل كل واحد ممن ذكرناهم من الوفود على حدة بمضاربه وأصحابه، وربّما حضروا الطعام الذي يصنع لخذاوند زاده، ولم أحضره أنا إلا مرة واحدة.
وترتيب ذلك الطعام أنهم يجعلون الخبز، وخبزهم الرّقاق، وهو شبه الجراديق، ويقطعون اللّحم المشوي قطعا كبارا بحيث تكون الشاة أربع قطع أو ستّا، ويجعلون أمام كل رجل قطعة ويجعلون أقراصا مصنوعة بالسّمن تشبه الخبز المشرّك «٣١» ببلادنا، ويجعلون في وسطها الحلواء الصّابونية «٣٢» ، ويغطون كل قرص منها برغيف حلواء يسمونه الخشتي ومعناه الأجري، مصنوع من الدقيق والسكر والسمن، ثم يجعلون اللحم المطبوخ بالسمن والبصل والزنجبيل الأخضر في صحاف صينية، ثم يجعلون شيئا يسمونه سموسك «٣٣» ، وهو لحم مهروس مطبوخ باللوز والجوز والفستق والبصل والأبازير، موضوع في جوف رقاقة مقلوّة بالسمن، يضعون أمام كل إنسان خمس قطع من ذلك أو أربعا، ثم يجعلون الأرز المطبوخ بالسمن وعليه الدجاج، ثم يجعلون لقيمات القاضي ويسمونها الهاشمي ثم يجعلون القاهرية.
ويقف الحاجب على السّماط قبل الأكل ويخدم إلى الجهة التي فيها السلطان، ويخدم جميع من حضر لخدمته، والخدمة عندهم حطّ الرأس نحو الركوع، فإذا فعلوا ذلك جلسوا