ابن السلطان لخدامه: إذا كان الشيخ في حاله الذي تغلب عليه فأعلموني بذلك، فلما أخذته الحال أعلموه فدخل عليه، فلما رآه الشيخ قال: وهبنا لك الملك. ثم توفّى الشيخ في أيام غيبة السلطان، فحمل ابنه محمد نعشه على كاهله فبلغ ذلك أباه فانكره وتوعده، وكان قد رابته منه أمور ونقم عليه استكثاره من شراء المماليك واجزاله العطايا واستجلابه قلوب الناس فزاد حنقه عليه وبلغه أنّ المنجّمين زعموا أنّه لا يدخل مدينة دهلي بعد سفره ذلك، فتوعدهم «٨٣» ! ولما عاد من سفره وقرب من الحضرة أمر ولده أن يبني له قصرا وهم يسمونه الكشك بضم الكاف وشين معجم مسكن، على واد هنالك يسمى أفغان بور «٨٤» ، فبناه في ثلاثة أيام وجعل أكثر بنائه بالخشب مرتفعا على الأرض قائما على سواري خشب وأحكمه بهندسة تولّى النظر فيها الملك زاده المعروف بعد ذلك بخواجة جهان، واسمه أحمد بن إياس كبير وزراء السلطان محمد «٨٥» ، وكان إذ ذاك شحنة العمارة، وكانت الحكمة التي اخترعوها فيه أنّه متى وطئت الفيلة جهة منه وقع ذلك القصر وسقط.
ونزل السلطان بالقصر وأطعم الناس وتفرقوا واستأذنه ولده في أن يعرض الفيلة بين يديه وهي مزيّنة فأذن له.
وحدّثني الشيخ ركن الدين أنّه كان يومئذ مع السلطان ومعهما ولد السلطان المؤثر لديه محمود فجاء محمد ابن السلطان، فقال للشيخ: ياخوند! هذا وقت العصر، انزل فصلّ! قال لي الشيخ: فنزلت وأتى بالأفيال من جهة واحدة حسبما دبّروه، فلما وطئتها سقط الكشك على السلطان وولده محمود قال الشيخ فسمعت الضّجة فعدت ولم اصلّ فوجدت الكشك قد سقط، فأمر ابنه أن يوتي بالفؤس والمساحي للحفر عنه، وأشار بالإبطاء، فلم يؤت بهما إلّا وقد غربت الشمس فحفروا، ووجدوا السلطان قد حنا ظهره على ولده ليقيه الموت! فزعم بعضهم أنّه أخرج ميّتا وزعم بعضهم أنّه أخرج حيّا، فأجهز عليه، وحمل ليلا إلى مقبرته التي بناها بخارج البلدة المسمّاة باسمه تغلق أباد فدفن بها.