فأظهر الإباءة والامتناع! «٨٩» فغضب السلطان من ذلك، وأمر الشيخ الفقيه المعظم ضياء الدين السمناني أن ينتف لحيته! فأبى ضياء الدين من ذلك، وقال: لا أفعل هذا، فأمر السلطان بنتف لحية كل واحد منهما! فنتفت! ونفي ضياء الدين إلى بلاد التّلنك، ثم ولاه بعد مدة قضاء ورنكل «٩٠» فمات بها.
ونفى شهاب الدين إلى دولة آباد، فأقام بها سبعة أعوام ثم بعث عنه فأكرمه وعظّمه وجعله على ديوان المستخرج «٩١» ، وهو ديوان بقايا العمّال يستخرجها منهم بالضرب والتنكيل، ثم زاد في تعظيمه وأمر الأمراء أن يأتوا للسلام عليه ويمتثلوا أقواله، ولم يكن أحد في دار السلطان فوقه، ولما انتقل السلطان إلى السكنى على نهر الكنك، وبنى هنالك القصر المعروف بسرك دوار، معناه شبيه الجنة «٩٢» ، وأمر الناس بالبناء هنالك، طلب منه الشيخ شهاب الدين أن يأذن له في الإقامة بالحضرة، فأذن له إلى أرض موات مسافة ستة أميال من دهلى فحفر بها كهفا كبيرا صنع في جوفه البيوت والمخازن والفرن والحمّام وجلب الماء من نهرجون، وعمر تلك الأرض وجمع مالا كثيرا من مستغلها لأنها كانت السنون قاحطة، وأقام هنالك عامين ونصف عام مدة مغيب السلطان.
وكان عبيده يخدمون تلك الأرض نهارا ويدخلون الغار ليلا ويسدّونه على أنفسهم وأنعامهم خوف سرّاق الكفار لأنهم في جبل منيع هنالك، ولما عاد السلطان إلى حضرته استقبله الشيخ ولقيه على سبعة أميال منها فعظّمه السلطان وعانقه عند لقائه، وعاد إلى غاره، ثم بعث عنه بعد أيام فامتنع من إتيانه، فبعث إليه مخلص الملك النّذرباري «٩٣» ، وكان من كبراء الملوك فتلطف له في القول وحذره بطش السلطان فقال له: لا أخدم ظالما أبدا! فعاد مخلص الملك إلى السلطان فأخبره بذلك فأمر أن ياتي به، فأتى به فقال له: أنت القائل:
إني ظالم؟ فقال: نعم أنت ظالم، ومن ظلمك كذا وكذا، وعدّد أمورا، منها تخريبه لمدينة