أو التدريس أو المشيخة أعطيته ذلك! فسكت الجميع لأنّهم كانوا يريدون تحصيل الأموال والانصراف إلى بلادهم! وتكلّم أمير بخت ابن السيّد تاج الدين الذي تقدّم ذكره، فقال: أمّا الوزارة فميراثي، وأمّا الكتابة فشغلي، وغير ذلك لا أعرفه، وتكلّم هبة الله ابن الفلكيّ فقال مثل ذلك، وقال لي خذاوندزادة بالعربيّ: ما تقول أنت يا سيّدي؟ وأهل تلك البلاد لا يدعون العربيّ الّا بالتّسويد، وبذلك يخاطبه السلطان تعظيما للعرب، فقلت له: أمّا الوزارة والكتابة فليست شغلي، وأمّا القضاء والمشيخة فشغلي وشغل آبائي، وامّا الامارة فتعلمون أن الأعاجم ما أسلمت إلّا بأسياف العرب! فلما بلغ ذلك إلى السلطان أعجبه كلامي. وكان السلطان بهزار أسطون يأكل الطعام فبعث عنّا فأكلنا بين يديه وهو يأكل، ثم انصرفنا إلى خارج هزار اسطون وقعد أصحابي، وانصرفت بسبب دمّل كان يمنعني الجلوس فاستدعانا السلطان ثانية فحضر أصحابي واعتذروا عنّي، وجئت بعد صلاة العصر فصلّيت بالمشور المغرب والعشاء الآخرة.
ثمّ خرج الحاجب فاستدعانا فدخل خذاوند زادة ضياء الدين، وهو أكبر الإخوة المذكورين فجعله السلطان أمير داد «١٠٠» ، وهو من الأمراء الكبار فجلس بمجلس القاضي، فمن كان له حق على أمير أو كبير أحضره بين يديه، وجعل مرتّبه على هذه الخطّة خمسين ألف دينار في السنة، عيّن له مجاشر «١٠١» فائدها ذلك المقدار، فأمر له بخمسين ألفا عن يد، وخلع عليه خلعة حرير مزركشة تسمّى صورة الشير، ومعناه صورة السبع لأنّه يكون في صدرها وظهرها صورة سبع، وقد خيط في باطن الخلعة بطاقة بمقدار مازركش فيها من الذّهب، وأمر له بفرس من الجنس الأوّل، والخيل عندهم أربعة اجناس، وسروجهم كسروج أهل مصر، ويكسون أعظمها بالفضّة المذهّبة.
ثمّ دخل أمير بخت فأمره أن يجلس مع الوزير في مسنده، ويقف على محاسبات الدّواوين، وعيّن له مرتّبا أربعين الف دينار في السنة، أعطى مجاشر فائدها بمقدار ذلك، وأعطى أربعين ألفا عن يد، وأعطى فرسا مجهّزا، وخلع عليه كخلعة الذي قبله، ولقّب شرف الملك.
ثمّ دخل هبة الله ابن الفلكي فجعله رسول دار «١٠٢» ، ومعناه حاجب الأرسال وعيّن له مرتبا أربعة وعشرين الف دينار في السنة، أعطي مجاشر يكون فائدها بمقدار ذلك، وأعطى