بين يديه ويرقصن إلى وقت المغرب ثم ينصرف وفي تلك السوق المساجد للصلاة، ويصلي الئمة فيها التّراويح في شهر رمضان، وكان بعض سلاطين الكفار بالهند إذا مر بهذه السوق ينزل بقبتها، ويغني المغنيات بين يديه، وقد فعل ذلك بعض سلاطين المسلمين أيضا.
ثم سافرنا إلى مدينة نذربار «٦٠» ، وضبط اسمها بنون وبذال معجم مفتوحين وراء مسكن وباء موحدة مفتوحة وألف وراء، مدينة صغيرة يسكنها المرهتة وهم أهل الاتقان في الصنائع والأطباء والمنجمون، وشرفاء المرهتة هم البراهمة وهم الكتريون «٦١» أيضا، وأكلهم الأرز والخضر ودهن السمسم، ولا يرون بتعذيب الحيوان ولا ذبحه ويغتسلون للأكل كغسل الجنابة، ولا ينكحون في أقاربهم إلا فيمن كان بينهم وبينه سبعة أجداد، ولا يشربون الخمر وهي عندهم أعظم المعايب وكذلك هي ببلاد الهند عند المسلمين، ومن شربها من مسلم جلد ثمانين جلدة، وسجن في مطمورة ثلاثة أشهر لا تفتح عليه إلا حين طعامه، ثم سافرنا من هذه المدينة إلى مدينة صاغر، وضبط اسمها بفتح الصاد المهمل وفتح الغين المعجم وآخره راء، وهي مدينة كبيرة على نهر كبير يسمى أيضا صاغر «٦٢» كإسمها، وعليه النواعير، والبساتين فيها العنبا والموز وقصب السّكّر، وأهل هذه المدينة أهل صلاح ودين وأمانة، وأحوالهم كلها مرضية ولهم بساتين فيها الزوايا للوارد والصادر، وكل من يبني زاوية يحبس البستان عليها ويجعل النظر فيه لأولاده، فإن انقرضوا عاد النظر للقضاة.
والعمارة بها كثيرة والناس يقصدونها للتبرك بأهلها ولكونها محررة من المغارم والوظائف. ثم سافرنا من صاغر المذكورة إلى مدينة كنباية «٦٣» ، وضبط اسمها بكسر الكاف وسكون النون وفتح الباء الموحدة وألف وياء آخر الحروف مفتوحة، وهي على خور من البحر وهو شبه الوادي تدخله المراكب، وبه المد والجزر وعاينت المراكب به مرساة في الوحل حين الجزر فإذا كان المد عامت في الماء.