ومدينة هيلي معظمة عند المسلمين والكفّار بسبب مسجدها الجامع، فإنه عظيم البركة مشرق النور «١٠٣» ، وركاب البحر ينذرون له النذور الكثيرة، وله خزانة مال عظيمة تحت نظر الخطيب حسين، وحسن الوزان كبير المسلمين وبهذا المسجد جماعة من الطلبة يتعلمون العلم ولهم مرتبات من مال المسجد، وله مطبخة يصنع فيها الطعام للوارد والصادر ولإطعام الفقراء من المسلمين بها.
ولقيت بهذا المسجد فقيها صالحا من أهل مقدشو «١٠٤» يسمى سعيدا، حسن اللقاء والخلق يسرد الصوم، وذكر لي أنه جاور بمكة أربع عشرة سنة ومثلها بالمدينة وأدرك الأمير بمكة أبا نمّى «١٠٥» ، والامير بالمدينة منصور بن جمّاز وسافر في بلاد الهند والصين.
ثم سافرنا من هلي إلى مدينة جرفتّن «١٠٦» ، وضبط اسمها بضم الجيم وسكون الراء وفتح الفاء وفتح التاء المعلوة وتشديدها وآخره نون، وبينها وبين هيلي ثلاثة فراسخ، ولقيت بها فقيها من اهل بغداد كبير القدر يعرف بالصّرصرى «١٠٧» نسبة إلى بلدة على مسافة عشرة أميال من بغداد في طريق الكوفة، واسمها كإسم صرصر التي عندنا بالمغرب، وكان له أخ بهذه المدينة كثير المال له أولاد صغار أوصى إليه بهم، وتركته آخذا في حملهم إلى بغداد،