ولقد جهدت لمّا وليت القضاء بها، أن أقطع تلك العادة وآمرهن باللباس، فلم أستطع ذلك فكنت لا تدخل إليّ منهن امرأة في خصومة الا مستترة الجسد، وما عدا ذلك لم تكن لي عليه قدرة، ولباس بعضهن قمص زائدة على الفوطة، وقمصهن قصار الأكمام عراضها، وكان لي جوار كسوتهن لباس أهل دهلي وغطّين رؤوسهن، فعابهن ذلك أكثر مما زانهن إذ لم يتعودنه!! وحليهنّ الأساور تجعل المرأة منها جملة في ذراعيها بحيث تملأ ما بين الكوع والمرفق وهي من الفضة ولا يجعل أساور الذهب إلا نساء السلطان وأقاربه، ولهن الخلاخيل ويسمّونها البايل، بباء موحدة والف وياء آخر الحروف مكسورة وقلائد ذهب يجعلنها على صدورهن ويسمونها البسدرد، بالباء الموحدة وسكون السين المهمل وفتح الدال المهمل والراء.
ومن عجيب أفعالهن أنهن يستاجرن أنفسهن للخدمة بالديار على عدد معلوم من خمسة دنانير فما دونها «١٩٣» وعلى مستأجرهن نفقتهن، ولا يرين ذلك عيبا، ويفعله أكثر بناتهم فتجد في دار الإنسان الغنيّ منهن العشرة والعشرين، وكل ما تكسره من الأواني يحسب عليها قيمته، وإذا أرادت الخروج من دار إلى دار أعطاها أهل الدار التي تخرج اليها العدد الذي هي مرتهنة فيه فتدفعه لاهل الدار التي خرجت منها ويبقى عليها للآخرين وأكثر شغل هؤلاء المستأجرات غزل القنبر «١٩٤» .
والتزوج بهذه الجزائر سهل لنزارة الصداق وحسن معاشرة النساء، وأكثر الناس لا يسمي صداقا إنما تقع الشهادة ويعطي صداقا، مثلها، واذا قدمت المراكب تزوج أهلها النساء فإذا أرادوا السفر طلقوهن وذلك نوع من نكاح المتعة «١٩٥» ، وهن لا يخرجن عن بلادهن أبدا. ولم أر في الدنيا أحسن معاشرة منهن ولا تكل المرأة عندهم خدمة زوجها إلى سواها بل هي تأتيه بالطعام وترفعه من بين يديه وتغسل يده وتأتيه بالماء للوضوء وتغم رجليه عند النوم، ومن عوائدهن الا تأكل المرأة مع زوجها، ولا يعلم الرجل ما تأكله المرأة، ولقد تزوجت بها نسوة فأكل معي بعضهن بعد محاولة وبعضهن لم تأكل معي ولا استطعت أن أراها تأكل ولا نفعتني حيلة في ذلك!!