وبعثوا إلى سائر الجزائر فأسلم أهلها وأقام المغربي عندهم معظما وتمذهبوا بمذهبه مذهب الامام مالك رضي الله عنه، وهم إلى هذا العهد يعظمون المغاربة بسببه، وبنى مسجدا هو معروف باسمه وقرأت على مقصورة الجامع منقوشا في الخشب: أسلم السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركات البربري المغربي.
وجعل ذلك السلطان ثلث مجابي الجزائر صدقة على أبناء السبيل إذ كان اسلامه بسببهم، فسمى على ذلك حتى الآن «١٩٨» ، وبسبب هذا العفريت خرب من هذه الجزائر كثير قبل الإسلام. ولما دخلناها لم يكن لي علم بشأنه، فبينا أنا ليلة في بعض شأني إذ سمعت الناس يجهرون بالتهليل والتكبير ورأيت الأولاد وعلى رؤوسهم المصاحف والنساء في الطسوت، وأواني النحاس فعجبت من فعلهم وقلت: ما شأنكم؟ فقالوا: ألا تنظر إلى البحر؟
فنظرت فإذا مثل المركب الكبير، وكأنه مملوء سرجا ومشاعل فقالوا: ذلك العفريت، وعادته أن يظهر مرة في الشهر فإذا فعلنا ما رأيت انصرف عنا ولم يضرنا!