بها هلالا، فسلم عليّ وأضافني، وجاء إليّ ومعه أربعة رجال، وقد جعل اثنان منهم عودا على أكتافهما وعلقا منه أربع دجاجات «٢١٨» ، وجعل الآخران عودا مثله وعلقا منه نحو عشر من جوز النّارجيل، فعجبت من تعظيمهم لهذا الشيء الحقير فأخبرت أنهم صنعوه على جهة الكرامة والاجلال! ورحلنا عنهم فنزلنا في اليوم السادس بجزيرة عثمان، وهو رجل فاضل من خيار النّاس فأكرمنا وأضافنا، وفي اليوم الثامن نزلنا بجزيرة لوزير يقال له التّلمدي، وفي اليوم العاشر وصلنا إلى جزيرة المهل حيث السلطانة وزوجها، وأرسينا بمرساها، وعادتهم أن لا ينزل أحد عن المرسى إلا بإذنهم، فأذنوا لنا في النزول، وأردت التوجه إلى بعض المساجد فمنعني الخدام الذين بالساحل، وقالوا: لا بد من الدخول إلى الوزير، وكنت أوصيت الناخودة أن يقول إذا سئل عني: لا أعرفه، خوفا من إمساكهم إياي. ولم أعلم أن بعض أهل الفضول قد كتب إليهم معرّفا بخبري واني كنت قاضيا بدهلي.
فلما وصلنا إلى الدار وهو المشور نزلنا في سقائف على الباب الثالث منه، وجاء القاضي عيسى اليمني فسلّم علي وسلمت على الوزير، وجاء الناخوذة ابراهيم «٢١٩» بعشرة أثواب فخدم لجهة السلطانة ورمى بثوب منها، ثم خدم للوزير ورمى بثوب آخر كذلك ورمى بجميعها، وسئل عني فقال: لا أعرفه. ثم أخرجوا إلينا التنبول وماء الورد وذلك هو الكرامة عندهم، وأنزلنا بالدار وبعث إلينا الطعام وهو قصعة كبيرة فيها الأرز وتدور بها صحاف فيها اللحم الخليع والدجاج والسمن والسمك.
ولما كان بالغد مضيت مع الناخودة وقاضي عيسى اليمني لزيارة زاوية في طرف الجزيرة عمرها الشيخ الصالح نجيب «٢٢٠» وعدنا ليلا، وبعث الوزير إليّ صبيحة تلك الليلة كسوة وضيافة فيها الأرز والسمن والخليع، وجوز النارجيل والعسل المصنوع منها وهم يسمونه القرباني، بضم القاف وسكون الراء وفتح الباء الموحدة والف ونون وياء، ومعنى ذلك ماء السكر، وأتو بمائة الف ودعة للنفقة.