ثم سافرنا عن هؤلاء، وبعد خمسة وعشرين يوما وصلنا إلى جزيرة الجاوة «١» ، بالجيم، وهي التي ينسب إليها اللّبان الجاوي «٢» ، رأيناها على مسيرة نصف يوم وهي خضرة نضرة، وأكثر أشجارها النارجيل «٣» والفوفل والقرنفل والعود الهندي «٤» والشّكي والبركي «٥» والعنبة والجمون «٦» والنارنج الحلو، وقصب الكافور، وبيع أهلها وشراءهم بقطع قصدير، وبالذهب الصيني التّبر غير المسبوك، والكثير من أفاويه الطيب التي بها إنما هو ببلاد الكفار منها وأما ببلاد المسلمين فهو أقل من ذلك.
ولما وصلنا المرسى خرج إلينا أهلها في مراكب صغار ومعهم جوز النارجيل والموز والعنبة والسمك، وعادتهم أن يهدوا ذلك للتّجار فيكافئهم كلّ إنسان على قدره، وصعد إلينا أيضا نائب صاحب البحر «٧» وشاهد من معنا من التّجار وأذن لنا في النزول إلى البرّ فنزلنا إلى البندر، وهي قرية كبيرة على ساحل البحر بها دور يسمّونها السّرحى «٨» بفتح السين المهمل وسكون الراء وفتح الحاء المهمل، وبينها وبين البلد أربعة أميال.
ثم كتب بهروز نائب صاحب البحر إلى السلطان فعرفه بقدومي، فأمر الأمير دولسة بلقائي والقاضي الشريف أمير سيد الشيرازي وتاج الدين الأصبهاني وسواهم من الفقهاء، فخرجوا لذلك، وجاءوا بفرس من مراكب السلطان وأفراس سواه، فركبت وركب أصحابي ودخلنا إلى حضرة السلطان وهي مدينة سمطرة بضم السين المهمل والميم وسكون الطاء وفتح الراء مدينة حسنة كبيرة عليها سور خشب وأبراج خشب.