الديوان أخباري كتب إلي القان، وهو ملكهم الأعظم «٥٩» ، يخبره بقدومي من جهة ملك الهند فطلبت منه أن يبعث معي من يوصلني إلى بلاد الصين وهم يسمونها صين «٦٠» كلان، لأشاهد تلك البلاد، وهي في عمالته بخلال ما يعود جواب القان، فأجاب إلى ذلك، وبعث معي من أصحابه من يوصلني.
وركبت في النّهر في مركب يشبه أجفان بلادنا الغزوية إلّا أن الجذّافين يجذفون فيه قياما، ومعهم، في وسط المركب الركاب في المقدم والمؤخر، ويظلّلون على المركب بثياب تصنع من نبات ببلادهم يشبه الكتان، وليس به، وهو أرقّ من القنب.
وسافرنا في هذا النهر سبعة وعشرين يوما «٦١» وفي كل يوم ترسو عند الزوال بقرية نشتري بها ما نحتاج إليه ونصلّي الظهر ثم ننزل بالعشي إلى أخرى وهكذا إلى أن وصلنا إلى مدينة صين كلان بفتح الكاف، وهي مدينة صين الصّين، وبها يصنع الفخار، وبالزيتون أيضا، وهنالك يصب نهر آب حياة في البحر، ويسمونه مجمع البحرين «٦٢» ، وهي من أكبر المدن وأحسنها أسواقا، ومن أعظم أسواقها سوق الفخار، ومنها يحمل إلى سائر بلاد الصين، وإلى الهند واليمن، وفي وسط هذه المدينة كنيسة عظيمة لها تسعة أبواب داخل كل باب أسطوان ومصاطب يقعد عليها الساكنون بها، وبين البابين الثاني والثالث منها موضع فيه بيوت يسكنها العميان وأهل الزّمانات ولكل واحد منهم نفقته وكسوته من أوقاف الكنيسة، وكذلك فيما بين الأبواب كلّها وفي داخلها المارستان للمرضى والمطبخة لطبخ الاغذية وفيها الاطباء والخدام.
وذكر لي أن الشيوخ الذين لا قدرة لهم على التكسّب لهم نفقتهم وكسوتهم بهذه الكنيسة، وكذلك الأيتام والأرامل ممن لا حال له، وعمّر هذه الكنيسة بعض ملوكهم وجعل هذه المدينة وما اليها من القرى والبساتين وقفا عليها، وصورة ذلك الملك مصورة بالكنيسة المذكورة، وهم يعبدونها.