للرجال وبيوت للنساء يستحمون فيها ويستقون الماء ليلا ويجعلونه في السطوح ليبرد، ثم سافرنا إلى تدمر «٣٤» مدينة نبي الله سليمان عليه السلام التي بنتها له الجن كما قال النّابغة:
يبنون تدمر بالصفّاح والعمد «٣٥» .
ثم سافرنا منها إلى مدينة دمشق الشام وكانت مدة مغيبي عنها عشرين سنة كاملة، وكنت تركت بها زوجة لي حاملا «٣٦» ، وتعرفت وأنا ببلاد الهند أنها ولدت ولدا ذكرا فبعثت حينئذ إلى جده للّام وكان من أهل مكناسة «٣٧» المغرب أربعين دينار ذهبا هنديا، فحين وصولي إلى دمشق في هذه الكرّة لم يكن لي همّ إلا السؤال عن ولدي، فدخلت المسجد فوقف لي نور الدين السخاوي إمام المالكية وكبيرهم «٣٨» ، فسلمت عليه، فلم يعرفني فعرّفته بنفسي، وسألته عن الولد فقال: مات منذ اثنتي عشرة سنة، وأخبرني أن فقيها من أهل طنجة يسكن بالمدرسة الظاهرية «٣٩» ، فسرت إليه لأسأله عن والدي وأهلي فوجدته شيخا كبيرا فسلمت عليه، وانتسبت له، فأخبرني أن والدي توفي مند خمسة عشرة سنة وأن الوالدة بقيد الحياة.
وأقمت بدمشق الشام بقية السنة «٤٠» والغلاء شديد والخبز قد انتهى إلى قيمة سبع أواقي بدرهم نقرة، وأوقيتهم أربع أواقي مغربية، وكان قاضي قضاة المالكية إذا ذاك جمال