لم يحظ كتابٌ في العربية بمثل ما حظي به كتاب سيبويه من عناية العلماء الذين أكثروا من شرحه، وشرح أبياته، وشرح ما خفي منه، وأخرجوا نكته وفسروها. وقد صنّف الباحثون المحدثون المصنفات التي تتحدث عن جهود القدامى والمحدثين في خدمة كتاب سيبويه بما يغنينا عن ذكر هذه الشروح، ومن هؤلاء الباحثين الأساتذة علي النجدي ناصف، وخديجة الحديثي، وكوركيس عواد، وغيرهم.
وقد كان الأعلم الشنتمري واحدًا من علماء عصره الذين أسهموا في خدمة الكتاب، حين آلت إليه رئاسة النحو واللغة في المئة الخامسة الهجرية في إشبيلية من بلاد الأندلس، إذ صنّف كتابين جليلين حفظهما الأيّام وسَلِما من عوادي الزمن وآفاته، هما "النكت في تفسير كتاب سيبويه" الذي كان لنا شرف دراسته وتحقيقه، وكتاب "تحصيل عين الذهب" الذي شرح فيه الأعلم شواهد سيبويه الشعرية.
وكتاب "تحصيل عين الذهب" هو أكمل شروح شواهد الكتاب التي وصلت إلينا، إذ شرح فيه الأعلم ألفًا وسبعة وعشرين شاهدًا، في حين لم تزد الشواهد التي شرحها أبو جعفر النحاس (ت ٣٣٨ هـ) على سبع مئة وثلاثة وأربعين شاهدًا، واختلف عدد الشواهد التي شرحها ابن السيرافي (ت ٣٨٥ هـ)، فهي سبع مئة وخمسة عشر شاهدًا في طبعة الدكتور محمد علي الريّح هاشم، وست مئة وسبعة وعشرون شاهدًا في طبعة الدكتور محمد علي سلطاني.
وعلى الرغم من عناية الأعلم الشنتمري بشواهد سيبويه الشعرية واستقصائه