للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

< غَيَّرَ > سائِرَهُ، فحَذَفَ الفِعلَ لاعتِلالِهِ، ونظيرُهُ هارٍ بمعنى هائرٍ وشاكٍ بمعنى شائكٍ. والمَعْزاءُ: أرضٌ صُلْبَةٌ ذاتُ حَصىً، وكانوا يَتَحَرَّونَ النُزولَ في الصَلابةِ ليكونوا بمَعْزِلٍ عن السَيلِ ولتَثْبُتَ أوتادُ (٣٥٥) الأبنيةِ. ومعنى (بادَتْ) تَغَيَّرَتْ وبَلِيَتْ، وأَضمَرَ الفاعِلَ في (غَيَّرَ) لدِلالةِ بادَتْ عليه، والمعنى وغَيَّرَ بُيُودُها آيَهُنَّ، والآيُ جَمعُ آيةٍ وهي علاماتُ الدِيارِ، والبِلَى تَقَادُمُ العَهْدِ.

وممّا أَنشَدَه الأخفَشُ في البابِ (٣٥٦):

فَزَجَجْتُها بِمِزَجَّةٍ … زَجَّ القَلُوصَ أبي مَزادَهُ (٣٥٧)

الشاهِدُ فيه الفَصلُ بينَ الزَجِّ وأبي مَزادَةَ بالقَلُوصِ و < هي > مَفْعولُهُ، والتقديرُ زَجَّ أبي مَزادَةَ القَلْوصَ، ومِثلُ هذا لا يَجوزُ في شِعرٍ ولا غَيرِه، وإنّما يَجوزُ في الشِعرِ بالظَرفِ خاصّةً (٣٥٧ أ)، لأنّه موجودٌ وإنْ لم يُذْكَر فأُقْحِمَ لذلك.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ < ما > جَرَى مَجرى الفاعِلِ الذي يَتَعَدّاه فِعْلُهُ إلى مَفْعولين، للشَمّاخ (٣٥٨):

[١٣٧] رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلّ … طَبّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ

الشاهدُ فيه إضافَةُ (طَبّاخٍ) إلى (الساعاتِ) ونَصْبُ الزادِ على التَعَدِّي، والتقديرُ طَبّاخِ ساعاتِ الكَرَى على تَشْبيهِ (الساعاتِ) بالمفعولِ به لا على الظرفِ،


(٣٥٥) في ط: أوتادها.
(٣٥٦) يعني بابَ ما جَرَى مجرى الفاعل الذي يتعداه فِعْلُهُ إلى مفعولين في اللفظ لا في المعنى. ينظر: الكتاب ١/ ٨٩.
(٣٥٧) الشاهدُ بلا عزو في: معاني القرآن ١/ ٣٥٨، الخصائص ٢/ ٤٠٦، الإنصاف ٤٢٧، المقاصد النحوية ٣/ ٤٦٨، الخزانة ١/ ٢٥١.
(٣٥٧ أ) أجازَ البصريون الفَصلَ بين المضاف والمضاف إليه بالظَرفِ وحرفِ الجَرّ لضرورة الشعر، وأجاز الكوفيون ذلك بغيرهما. ينظر: الإنصاف ٤٢٧.
(٣٥٨) نُسِب إلى الشَمّاخ في الكتاب ١/ ٩٠، وهو في ديوان الشَمّاخ ٣٨٩ منسوبٌ إلى جبار بن جزء أخي الشمّاخ.

<<  <   >  >>