للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على يونس (٧٠٦) لزَعْمِهِ أنَّ (لَبَّيْكَ) اسمٌ مفرّدٌ بمنزلةِ (عليكَ) وأنَّ ياءَهُ كيائها، فأخَذَهُ سيبويه بقولِ الشاعرِ: (فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرٍ) وإظهارُهُ الياءَ معَ الإضافةِ (٧٠٧) إلى الظاهِرِ، ولو كانَ بمنزلةِ (عليكَ) لقال: فَلَبَّى يَدَيْ كما تقول: على يَدَيْهِ ونحوه.

يقول: دَعَوْتُ مِسْوَرًا لِدَفْع نائبةٍ نابَتْني فأَجابَني بالعَطاءِ فيها وكَفَاني مُؤْنَتَها، وكأنّه سَأَلَهُ في دِيَةٍ، وإنّما لَبّي يَدَيْه لأنّهما الدافِعَتانِ إليه ما سَأَلَهُ منه فَخَصَّهما بالتَلْبيلةِ لذلك.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابٌ (٧٠٨) ينتصبُ فيه المصدرُ المُشَبِّهُ بهِ، للنابغة الذبياني (٧٠٩):

[٢٧٧] مَقْذوفَةٍ بدَخِيسِ النَحْضِ بازِلُهما … لسه صَرِيفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسّدِ

الشاهدُ فيه نَصْبُ (صَرِيفِ القَعْوِ) على المصدر المُشَبَّهِ به، والعاملُ فيه فِعلٌ مُضْمَرٌ دَلَّ عليه قولُهُ: (لَهُ صَريفَّ)، فكأنَّه قال: بازِلُها يصرفُ صَرِيفًا مِثلَ صَرِيف القَعْوِ، ورَفْعُهُ على البَدَلِ جائزٌ.

وَصَفَ ناقةٌ بالقُوَّةِ والنَشاطِ فيقول: كأَنَّما قُذِفَتْ باللحمِ قَذْفًا لتراكُمِهِ عليها. والنَحْضُ: اللحمُ، ودَخِيسّهُ: ما تَداخَلَ منه وتراكَبَ. والبازِلُ: سِنٌّ تخرجُ عندَ بُزولِها وذلك "في" العام التاسع من سِنِّها، وعند ذلك تكمُلُ قُوَّتُها ويقالُ لها: بازِلُ. والصَريفُ: صَوتُ أَنيابِها إذا حَكَّتْ بعضَها ببعض نَشاطًا أو إعياءً، وأرادَ "ها" هنا النَشَاطَ خاصَّة. والقَعْوُ: ما تَدورُ فيه البكرةُ إذا كانَ مِن خَشَبٍ، فإذا كانَ من حَديدٍ فهو خُطّافٌ. والمَسَدُ: حبلٌ من ليفٍ أو جِلْدٍ، ولا يُسَمّى مَسّدًا إلّا


(٧٠٦) ينظر: الكتابه ١/ ١٧٦، شرح جمل الزجاجي ٢/ ٤١٤، ويونس بن حبيب البصري، من أكابر النحويين البصريين، أخذ عن أبي عمرو، وأخذ عنه سيبويه، توفي سنة ١٨٢ هـ. (اخبار النحويين البصريين ٣٣، طبقات الزبيدي ٤٨، ونزهة الألباء ٤٩).
(٧٠٧) في ط: اضافته.
(٧٠٨) في ط: بابُ ما.
(٧٠٩) الكتاب ١/ ١٧٨، ديوانه ٦.

<<  <   >  >>