للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عندنا، على التقديمِ والتَأخيرِ، فتقديرُ هذا البيت عند غَيرِهِ فكانَ غَيرَ غَدورٍ وكنتُ <، وكذلك كُنتُ منه بَريئًا ووالِدِي، وهذا التقديمُ والتأخيرُ لا يُنْجي مَنْ خالَفَ سيبويه مِن أنْ يكونَ أحَدُ الخَبَرينِ محذوفًا، لأنَّه إذا قالَ: فكانَ غَيرَ غَدورٍ وكُنتُ > عُلِم (١٧٨)، أن المعنى وكنتُ كذلك، أي: وكُنتُ غَيرَ غَدورٍ.

فإذا كانَ حَمْلُهُ على التَّقديمِ والتأخيرِ لا يُخْرجُهُ عنِ الحذفِ فقولُ سيبويه أَوْلى مع إجْماعِهِم في البيتِ الأول المُتقدمِ الذِكر على حَذْفِ خَبرِ الأولِ ضرورةً.

وأنشد في الباب أيضًا للفرزدق (١٧٩):

[٦١] ولكن نِصْفًا لَوْ سَبَبْتُ وسَبَّني … بَنُو عَبدِ شَمْسٍ مِنْ مَنافٍ وهاشِمِ

استشهد به على إعْمالِ الفِعلِ الثاني وهو (سَبَّني) لِقربِهِ منَ الاسمِ وحَذْفِ المفعولِ من الفِعلِ الأولِ للاستِغْناء عنه بدلالةِ ما بعدَهُ عليه.

وَصَفَ في البيتِ شَرَفَهُ وأَنَه لا كُفءَ له يُقاوِمُهُ في مسابَّةٍ ومُفاخَرَةٍ إلا مِنْ قُريش، وقبلَ هذا البيت (١٨٠):

وإنَّ حَرَامًا أنْ أسُبَّ مُقاعِسًا … بآبائيَ الشُمِّ الكِرامِ الخَضَارِمِ

ومُقاعِسٌ: حَيٌّ مِن تَميمٍ (١٨١)، فيقول: قَدْ حَرَّمْتُ على نَفْسي مسابتَّهم بآبائي لِضَعَتِهم وشَرَفي، ولا أرى انتِصافًا لِعِرْضي بذَمِّ أعراضِهم، ولكن انتصافي في المسابَّةِ والمهاجاةِ أنْ أسُبَّ أشرافَ قُريشٍ وتَسُبَّني.

وبَنو عبدِ شَمْسٍ < وبَنو هاشِمٍ > مِن أشرافِ قُريشٍ (١٨٢)، وهم بنو عبد منَافٍ


(١٧٨) في: علي أن.
(١٧٩) الكتاب ١/ ٣٩، شرح ديوانه ٨٤٤، وفيه: ولكن عدلًا.
(١٨٠) شرح ديوانه ٨٤٤، وفيه: وليس يعدل إنْ سببتُ مقايسا.
(١٨١) ومُقاعِس هو الحارث بن بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. الاشتقاق ٢٤٦، جمهرة أنساب العرب ٢١٦.
(١٨٢) ينظر: جمهرة أنساب العرب ١٤.

<<  <   >  >>